للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يعْتَقد أَنه فسق لم يقْدَح ذَلِك تحريجه وتنزهه عَن الْكَذِب وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا اعْتقد أَنه فسق

وَعند جلّ الْفُقَهَاء أَن الْفسق فِي الِاعْتِقَاد لَا يمْنَع من قبُول الحَدِيث لِأَن من تقدم قد قبل بَعضهم حَدِيث بعض بعد الْفرْقَة وَقبل التابعون رِوَايَة الْفَرِيقَيْنِ من السّلف وَلِأَن الظَّن يقوى بِصدق من هَذِه سَبيله إِذا كَانَ متحرجا فَأَما الْكفْر الَّذِي يخرج بِهِ الْإِسْلَام من جملَة الْإِسْلَام وَأهل الْقبْلَة كاليهودية والنصرانية فانه يمْنَع من قبُول الْخَبَر للاجماع على ذَلِك وَلِأَن الْخَارِج من الْإِسْلَام يَدعُوهُ اعْتِقَاده فِيهِ إِلَى التحريف فِيهِ وَلَا يقوى الظَّن لصدقه وَأما الْكفْر بِتَأْوِيل فَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَنه يمْنَع من قبُول الحَدِيث قَالَ لِاتِّفَاق الْأمة على الْمَنْع من قبُول خبر الْكَافِر قَالَ وَالْفُقَهَاء إِنَّمَا قبلوا أَخْبَار من هُوَ كَافِر عندنَا لأَنهم لم يعتقدوا فِيهِ أَنه كَافِر وَالْأولَى أَن يقبل خبر من فسق أَو كفر بِتَأْوِيل إِذا لم يخرج من أهل الْقبْلَة وَكَانَ متحرجا لِأَن الظَّن لصدقه غير زائل وادعاؤه الْإِجْمَاع على نفي قبُول خبر الْكَافِر على الْإِطْلَاق لَا يَصح لِأَن كثيرا من أَصْحَاب الحَدِيث يقبلُونَ كثيرا من أَخْبَار سلفنا رَحِمهم الله كالحسن وَقَتَادَة وَعَمْرو مَعَ علمهمْ بمذهبهم وإكفارهم من يَقُول بقَوْلهمْ وَقد نصوا على ذَلِك فَأَما من يظْهر مِنْهُ العناد فِي مذْهبه مَعَ ظُهُوره عِنْده فانه لَا يقبل حَدِيثه كَمَا لَا يقبل حَدِيث الْفَاسِق بِأَفْعَال الْجَوَارِح لما كَانَ يعلمهَا فسقا فَأَما من تدين بِالْكَذِبِ لينصر مقَالَته فالظن لَا يحصل بصدقه وَكَذَلِكَ التساهل فِي الحَدِيث وَترك التحفظ من الزِّيَادَة فِيهِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ

وَأما كَون الرَّاوِي غير ضَابِط لما يسمعهُ أَو يَعْتَرِيه السَّهْو فِيمَا يسمعهُ بعد سَمَاعه لَهُ فَلهُ أَحْوَال ثَلَاثَة

أَحدهَا أَن يكون سَهْوه واختلال ضَبطه أَكثر فيقدح ذَلِك فِي الظَّن لما نَقله إِلَّا أَن يكون مَا نَقله مِمَّا يبعد أَن لَا يضبطه الْإِنْسَان وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول الظَّاهِر من الْعقل الضَّبْط وَقلة السَّهْو لِأَن الْعُقَلَاء يَخْتَلِفُونَ فِي الضَّبْط

<<  <  ج: ص:  >  >>