للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا أَن يكون الْمُرْسل مِمَّن لَا يُرْسل عَمَّن فِيهِ عِلّة من جَهَالَة وَغَيرهَا ثمَّ قَالَ وَمن هَذِه حَاله أحب أَن يقبل مرسله وَلَا أَسْتَطِيع أَن اقول إِن الْحجَّة تثبت بِهِ كثبوتها بالمتصل وَشرط عِيسَى بن ابان فِي قبُول الْمَرَاسِيل أَن يُرْسِلهُ صَحَابِيّ أَو تَابِعِيّ أَو تَابِعِيّ التَّابِعين أَو من أَئِمَّة أهل النَّقْل دون من سوى هَؤُلَاءِ

وَاحْتج من قبل الْمَرَاسِيل باشياء مِنْهَا إرْسَال الْمُرْسل مَعَ عَدَالَته يجْرِي مجْرى ذكره من أرسل عَنهُ وَقَوله هُوَ عدل عِنْدِي فِي الدّلَالَة على أَنه قد عدله وَلَو قَالَ ذَلِك لقبل حَدِيثه فَكَذَلِك إِذا أرسل وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن إرْسَاله يجْرِي مجْرى ذكره وتعديله لِأَنَّهُ مَعَ عَدَالَته لَا يستجيز أَن يخبر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وَله الْإِخْبَار عَنهُ وَلَا يكون لَهُ الْإِخْبَار بذلك إِلَّا وَهُوَ عَالم أَو ظان لِأَن الْخَبَر بِمَا يجوز كَونه ونفيه على سَوَاء قَبِيح وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلْزَام النَّاس عبَادَة أَو إطراح عبَادَة عَنْهُم من غير أَن يعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوجب ذَلِك أَو يَظُنّهُ فَبَان أَن عَدَالَته تَقْتَضِي مَا ذكرنَا وَأما أَن الرَّاوِي إِذا ذكر من رُوِيَ عَنهُ وَقَالَ هُوَ ثِقَة عِنْدِي لزم قبُول خَبره وَإِن لم يذكر أَسبَاب ثقته فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين اصحاب أبي حنيفَة والشافهي وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الْجرْح فَعِنْدَ أَصْحَاب ابي حنيفَة لَا يجب أَن يذكر الْإِنْسَان سَبَب الْجرْح وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يصير الْمَجْرُوح مجروحا إِلَّا بِذكر اسباب الْجرْح وَالْأَمر فِي التَّزْكِيَة ظَاهر فان اصحاب الحَدِيث يزكون الرجل من غير أَن يذكرُوا أَسبَاب عَدَالَته وَلِأَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يكون ثِقَة زكيا إِذا اجْتنب الْكَبَائِر وَلم يخل بالواجبات فَلَو وَجب ذكر أَعْيَان ذَلِك فِي طول الزَّمَان مَخَافَة أَن يكون فِيهَا مَا لَا تسلم مَعَه عَدَالَة الْإِنْسَان عِنْد السَّامع وَجب مَا يشق احصاؤه بل يتَعَذَّر إِن قيل إِنَّمَا لم يجب على الْمُزَكي ذكر اسباب الْعَدَالَة لهَذِهِ الْمَشَقَّة الَّتِي ذكرتموها وَذَلِكَ غير قَائِم فِي ذكر الْمخبر قيل هَذِه الْمَشَقَّة إِن ثَبت مَعهَا الظَّن لعدالة من زَكَّاهُ الْمُزَكي فَهُوَ غرضنا وَلَيْسَ سَبَب هَذَا الظَّن هَذِه الْمَشَقَّة وَإِنَّمَا سَببه عَدَالَة الْمُزَكي وَهَذَا هُوَ الَّذِي قُلْنَاهُ وَلَو لم تثبت مَعهَا عَدَالَته لم يجز الحكم بتزكيته لأجل الْمَشَقَّة إِذْ كَانَ الظَّن لعدالته غير حَاصِل فان قيل إِنَّمَا لم يجب على الْمُزَكي ذكر أَسبَاب عَدَالَة من زَكَاة

<<  <  ج: ص:  >  >>