للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجه جَازَ تخصيصهما بِخَبَر الْوَاحِد لِأَنَّهُمَا يصيران مجملين ومجازين بالتخصيص الأول وَإِذا لم يدخلهما التَّخْصِيص من وَجه آخر لم يجز تخصيصهما وَشرط قوم فِي جَوَاز تخصيصهما بأخبار الْآحَاد أَن يكون التَّخْصِيص قد دخلهما بِدَلِيل مُنْفَصِل

وَالدَّلِيل على تَخْصِيص الْقُرْآن بذلك أَن خبر الْوَاحِد يَقْتَضِي الظَّن وَالْعقل يَقْتَضِي الْعَمَل على الظَّن فِي الْمَنَافِع والمضار فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ وَإِن خص الْعُمُوم

إِن قيل الظَّن لصدق الرَّاوِي لَا يحصل مَعَ عُمُوم الْكتاب قيل إِذا كَانَ الظَّن لصدقه يحصل إِذا لم يُعَارضهُ عُمُوم الْكتاب وَجب حُصُوله مَعَ عُمُوم الْكتاب لِأَنَّهُ لَا وَجه يحِيل وُقُوع الظَّن لصِحَّة الْخَبَر مَعَ مُعَارضَة عُمُوم الْكتاب

فان قيل الْوَجْه الْمُحِيل لذَلِك هُوَ أَن عُمُوم الْكتاب إِذا انْفَرد اقْتضى الْعلم بشموله وَخبر الْوَاحِد إِذا انْفَرد اقْتضى الظَّن لصِحَّته فَلم يجز التَّعَبُّد بِهِ إِذا عَارضه عُمُوم الْكتاب وَإِذا لم يجز ذَلِك لم يحصل الظَّن بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه الْجَواب إِن خبر الْوَاحِد وَإِن اقْتضى الظَّن إِذا انْفَرد فان وجوب الحكم بِهِ مَعْلُوم غير مظنون والتعارض إِنَّمَا وَقع بَين حكمه وَبَين حكم الْعُمُوم فاذا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مَعْلُوما لَو انْفَرد لم يجز الْمَنْع من التَّعَبُّد بالْخبر مَعَ عُمُوم الْكتاب فَلم يمْنَع من وُقُوع الظَّن لصِحَّته بل وَجب التَّعَبُّد بِهِ لِأَنَّهُ أخص

فان قيل الدَّلِيل الَّذِي دلّ على وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد إِنَّمَا دلّ بِشَرْط أَن يظنّ صدق الرَّاوِي وَمَعَ مُعَارضَة الْعُمُوم لَا يظنّ صدقه فَالشَّرْط لم يُوجد وَالدَّلِيل لم يحصل فَالْجَوَاب عَنهُ أَن عَدَالَة الرَّاوِي لَا ينفيها الْعُمُوم فالظن لصدقه حَاصِل وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيَان فَثَبت بِهِ التَّخْصِيص فِي الأَصْل بَيَاض مِقْدَار أَربع كَلِمَات وَوُجُوب الْعَمَل بِمُقْتَضى الْعُمُوم مَعْلُوم فقد صَار الْمصير إِلَيْهِ أولى لِأَن نَقله مَعْلُوم وَوُجُوب الْعَمَل بِهِ مَعْلُوم هَذَا الدَّلِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>