للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَارضهُ أَن الْعُمُوم مَعْلُوم يتَنَاوَلهُ الْأَشْخَاص وَالْعقل يَقْتَضِي أَن لَا يتْرك الْعَمَل على مَا يغلب الظَّن فَوَجَبَ الْعَمَل عَلَيْهِ وَإِن عَارضه خبر وَاحِد لِأَنَّهُ من لم يتْرك مَا يعلم لما يظنّ فقد تحرز من المضار وَلِأَن الْعُمُوم لَو أَفَادَ الظَّن لقَائِل خبر الْوَاحِد وتعارضا وَوَجَب الْمصير إِلَى دَلِيل الْعقل أَو دَلِيل غَيرهمَا وَلِأَن خبر الْوَاحِد لَو قدح فِي الْعُمُوم لوَجَبَ اسْتِعْمَاله وَلَو رفع جَمِيع مَا يتَنَاوَلهُ الْعُمُوم وجوزنا فِي كل وَاحِد من الْأَخْبَار المخصصة أَنه صَحِيح وَالْآخر فَاسد فَكَانَ يبْقى من الْعُمُوم ثَلَاثَة أشخاص لَا بِأَعْيَانِهَا أَو شخص وَاحِد لَا بِعَيْنِه لِأَن كل خبر يكْسب الظَّن وَالظَّن يَقْتَضِي الْعقل وَالْعَمَل عَلَيْهِ وَيجوز فِي التناهي إِلَى الْوَاحِد من الْعُمُوم أَن يكون الْخَبَر الْوَارِد بِهِ مَعَ ذَلِك الْوَاحِد صَحِيحا وَغَيره مِمَّا تقدم كذب فَيَجِيء من ذَلِك أَن يرفع جَمِيع مَا تنَاوله الْعُمُوم بِخَبَر الْوَاحِد وَذَلِكَ محَال فان قيل من الْعجب أَن يجْتَمع علم وَظن متعارضين فيقدح الظَّن فِي الْعلم وَلَا يبطل الظَّن بِالْعلمِ قيل قد كُنَّا نجوز أَن يكون هُنَاكَ دَلِيل يَقْتَضِي تَخْصِيص الْعَام قبل الْعلم بِخَبَر الْوَاحِد وَلَو كَانَ الْعُمُوم مَقْطُوعًا أَنه لَا يجوز تَخْصِيصه لم يَخُصُّهُ بِخَبَر الْوَاحِد وَكَانَ الْعلم لَا يرْتَفع بِالظَّنِّ

إِن قيل الْعقل يمْنَع من الْعُدُول عَن الْمَعْلُوم إِلَى المظنون وَعُمُوم الْكتاب مَعْلُوم شُمُوله وَخبر الْوَاحِد مظنون صِحَّته فَلم يجز الْعَمَل عَلَيْهِ مَعَ عُمُوم الْكتاب قيل إِن أُرِيد أَن خبر الْوَاحِد مظنون لَو انْفَرد فقد تكلمنا فِي ذَلِك وَإِن أُرِيد أَن مظنون صِحَّته مَعَ مُعَارضَة الْعُمُوم فَذَلِك يمْنَع من الْعلم بشمول الْعُمُوم لأَنا إِذا ظننا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا رَوَاهُ الرَّاوِي فقد جَوَّزنَا ثُبُوت حكم الْخَبَر وَمَعَ تَجْوِيز ذَلِك لَا يحصل الْعلم بِمَا اقْتَضَاهُ الْعُمُوم من الحكم الْمُخَالف لحكم الْخَبَر وَيدل عَلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة لأَنهم خصوا قَول الله عز وَجل {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا نورث مَا تركنَا فَهُوَ صَدَقَة وَلما رُوِيَ أَن الْقَاتِل لَا يَرث وَالصَّحِيح أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>