للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك بِأَن الِاسْتِحْسَان إِمَّا أَن يكون عُدُولًا إِلَى قِيَاس أولى من قِيَاس فقد ذكر الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْقيَاس فِي جملَة أقسامه وَإِمَّا أَن يكون عُدُولًا إِلَى نَص وَلَيْسَ غَرَضه قسْمَة النُّصُوص فيدخله فِي جملَته وَقَالَ أَيْضا كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر مَا يحْتَج بِهِ أَصْحَاب أبي حنيفَة من قَوْلهم إِن الْعِبَادَة إِذا لم تفْسد لعدم صفة من صفاتها فبأن لَا تفْسد بِوُقُوع تِلْكَ الصّفة على وَجه الْفساد أولى وللشيخ أبي الْحسن أَن يُجيب على ذَلِك بِأَن هَذَا دَاخل فِي جملَة الْقيَاس وَذَلِكَ أَن الْعِبَادَة الَّتِي قد انْتَفَت عَنْهَا الصّفة وَالَّتِي قد حصلت فِيهَا الصّفة على وَجه الْفساد قد اشْتَركَا فِي أَنَّهُمَا لم يختصا بِالصّفةِ على وَجه الصِّحَّة وَقَالَ أَيْضا كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر فِي ذَلِك استدلالهم على أَن انكشاف ربع السَّاق فِي الصَّلَاة يُفْسِدهَا وَهُوَ قَوْلهم إِن انكشاف جَمِيعه يُفْسِدهَا لِأَن المواجه لَهُ يرى ربعه وَلأبي الْحسن ان يَقُول إِن هَذَا دَاخل فِي جملَة الْقيَاس لِأَنِّي قد علمت أَن الْعلَّة الْمفْسدَة للصَّلَاة إِذا انْكَشَفَ جَمِيعه هُوَ إِمْكَان رُؤْيَة ربعه وَهَذِه الْعلَّة قَائِمَة فِي انكشاف ربعه فالجمع بَينهمَا قِيَاس

وَقِسْمَة أُخْرَى محكية عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله وَهِي أَن أَدِلَّة الشَّرْع مستنبطة وَغير مستنبطة وَالَّتِي لَيست مستنبطة يدْخل فِيهَا خطاب الله عز وَجل وخطاب رَسُوله وأفعاله وخطاب الامة وافعالها والمستنبطة ضَرْبَان احدهما تحقق فِيهِ الْعلَّة وَالْآخر لَا تحقق فِيهِ الْعلَّة أما الَّذِي تحقق فِيهِ الْعلَّة فضربان أَحدهمَا لَا يقوى شبه الْفَرْع فِيهِ إِلَّا بِأَصْل وَاحِد ويسميه قِيَاس عِلّة وَقِيَاس معنى كرد العَبْد إِلَّا الْأمة فِي تنصيف الْحَد وَالْآخر يُقَوي شُبْهَة باصول مُخْتَلفَة وَأَن يرجح شبهه بِأَحَدِهِمَا نَحْو شبه العَبْد الْمُتْلف بالمملوكات وبالحر الَّذِي دِيَته مقدرَة وَيُسمى ذَلِك قِيَاس غَلَبَة الْأَشْبَاه وَمَا لَا تحقق فِيهِ الْعلَّة هُوَ إِيجَابه على من هُوَ خَارج الْمصر حُضُور الْجُمُعَة وَنَحْو اشْتِرَاك الْأَخ وَالْجد فِي الْمِيرَاث وَهَذَا الْمِثَال خَارج من هَذَا الْقسم لِأَن الْعلَّة فِيهِ مُحَققَة وَهُوَ الإدلاء بِالْمَيتِ وَيبعد أَن يسْتَدلّ على الْأَحْكَام بطريقة مستنبطة لَا تحقق فِيهَا الْعلَّة لِأَن الْعلَّة هِيَ الطَّرِيق إِلَى الحكم فَمَا لم تحقق لم يُمكن التَّوَصُّل إِلَى الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>