للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ وَجه قبح يجب الْقطع على أَنه لَيْسَ فِيهِ وَجه قبح فَفِي ذَلِك تخالفون لِأَن مخالفكم يَقُول مَتى لم نعلم فِيهِ وَجه قبح فَنحْن نجوزه وَإِن أردتم ان الْغَالِب فِيمَا هَذِه سَبيله أَنه لَيْسَ فِيهِ وَجه قبح قيل لكم لم زعمتم أَن الْغَالِب مَا ذكرْتُمْ وَلم إِذا كَانَ الْغَالِب ذَلِك لم يكن تَجْوِيز وَجه الْقبْح كَافِيا فِي الْقبْح

وَيُمكن الِاسْتِدْلَال بالنفع على وَجه آخر فَيُقَال إِن النَّفْع يَدْعُو إِلَى الْفِعْل وَيَقْتَضِي حسنه إِذا خلا من وُجُوه الْقبْح وخلا من أَمارَة الضَّرَر والمفسدة وَالِانْتِفَاع بالمآكل هَذِه سَبيله فِي الْعقل فَكَانَ حسنا وَالدّلَالَة على أَن الْمُعْتَبر هُوَ بأمارة الضَّرَر والمفسدة هِيَ أَن الْعُقَلَاء يلومون من امْتنع عَن الْفِعْل لتجويز الضَّرَر بِلَا أَمارَة ويعذرونه إِذا كَانَت فِيهِ أَمارَة أَلا تراهم يلومون من قَامَ من تَحت حَائِط لَا ميل فِيهِ لجَوَاز سُقُوطه لفساد فِي اساسه وَفِي بَاطِنه وَلَا يلومونه إِذا كَانَ مائلا وَلَا يلومون من امْتنع من أكل طَعَام شهي لأمارة دلّت على أَنه مَسْمُوم ويلومونه من جِهَة الْعقل إِذا امْتنع مِنْهُ لتجويز كَونه مسموما وَلَيْسَ يلومونه على ذَلِك لِأَنَّهُ خَالف الشَّرْع فِي امْتِنَاعه من ذَلِك بل رُبمَا لَا يخْطر الشَّرْع ببالهم فِي ذَلِك الْوَقْت وَلِأَن لومهم على ذَلِك لَيْسَ كلومهم من امْتنع من أكل لحم الْحَيَوَان وَلِأَن البراهمة يلومونه على ذَلِك وَلَا يعْرفُونَ الشَّرْع وَأما أَن الِانْتِفَاع بالمأكل هَذِه سَبيله فُلَانُهُ ظَاهر خلوه من كَونه كذبا وجهلا وَكفر نعْمَة وَكَونه تَصرفا فِي ملك الْغَيْر إِنَّمَا يقبح الْفِعْل إِذا استضر بِهِ الْغَيْر على مَا سنشرحه وَأما كَونه مفْسدَة ومضرة فاستبعاد الْعُقَلَاء لَهُ كاستبعادهم أَن يكون الطَّعَام مسموما وَأَن الْحَائِط الَّذِي لَا ميل فِيهِ يسْقط وَأما الْأَخْبَار إِذا لم يُؤمن كذبهَا فقد علمنَا قبحها وَإِن لم نشْهد أَمارَة بكذبها كَمَا نعلم حسن نفع لَا أَمارَة فِيهِ بِكَوْنِهِ مفْسدَة ومضرة وَلَا يضرنا أَن لَا نَعْرِف الْعلَّة فِي ذَلِك وَأَيْضًا فالنفع وَجه يحسن وَلَيْسَ كَون الْخَبَر خَبرا وَجه حسن وَلَا الْأَظْهر أَن يكون صدقا

جَوَاب آخر لَو قبح الْإِقْدَام على الْمَنَافِع لتجويز كَونهَا مفْسدَة لقبح

<<  <  ج: ص:  >  >>