للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون الْمُسْتَدلّ غير عَالم بِحكم الْفَرْع ليَصِح أَن يَطْلُبهُ بقياسه وَيجب أَن يكون عَارِفًا بِالْأَصْلِ ليَصِح أَن يعرف حكمه وَعلة حكمه وَيعرف أَن يظنّ أَنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْفَرْع وَأَنه قد تعبد بتعليق الحكم بهَا فِي الْفَرْع ليجوز لَهُ أَن يعدى الحكم من الأَصْل إِلَى الْفَرْع لأجل وجود الْعلَّة فِي الْفَرْع وَيجب أَن يعرف الْفَرْع بِعَيْنِه ليَصِح أَن يعرف ثُبُوت الْعلَّة وَحكمهَا فِيهِ وَيجب أَن يعرف شُرُوط الْقيَاس ليستعمل من الْقيَاس مَا اخْتصَّ بِتِلْكَ الشُّرُوط ويتوقى مَا لم يخْتَص بهَا وَقد علمنَا أَن الْمُسْتَدلّ إِنَّمَا يعلم حكم الأَصْل اسْتِدْلَالا بخطاب الله تَعَالَى وبخطاب نبيه وافعاله وَمَا علم من قَصده وخطاب الْأمة وَإِنَّمَا يَصح أَن يسْتَدلّ بِالْخِطَابِ إِذا علم أَن الْمُتَكَلّم بِهِ يجب إِذا تكلم بِكَلَام وَقد وضع لإِفَادَة شَيْء فقد علم أَن ذَلِك الشَّيْء على مَا أَفَادَهُ الْخطاب وَإِذا اقترنت بِهِ قرينَة فقد علم أَن ذَلِك الشَّيْء على مَا يدل عَلَيْهِ الْخطاب مَعَ الْقَرِينَة وَهَذِه الْجُمْلَة تَقْتَضِي أَن يعلم الْمُسْتَدلّ مَا وضع لَهُ الْخطاب فِي اللُّغَة وَفِي الْعرف وَفِي الشَّرْع ليحمله عَلَيْهِ وَيعرف مجازه فيعدل بالقرائن إِلَيْهِ وَيعرف من حَال الْمُتَكَلّم مَا يَثِق بِهِ من حُصُول مَدْلُول خطابه وَيعرف الْقَرَائِن وَهِي ضَرْبَان عقلية وشرعية والشرعية هِيَ بَيَان نسخ أَو بَيَان تَخْصِيص أَو غَيرهمَا من وُجُوه الْمجَاز وَأما الْقَرَائِن الْعَقْلِيَّة فَهِيَ الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة إِذا دلّت على خلاف ظَاهر الْكَلَام وَأما حَال الْمُتَكَلّم فَهِيَ حكمته وَالْحكمَة إِمَّا أَن تثبت لِأَن الْحَكِيم عَالم غَنِي وَإِمَّا لِأَنَّهُ مَعْصُوم من الْخَطَأ كالنبي وَالْأمة وَيجب أَن نَعْرِف حكمه الْمُتَكَلّم ليَصِح أَن نعلم مَا يجوز أَن يَقُوله ويريده وَمَا لَا يجوز أَن يُريدهُ ويقوله وَلَا يَصح الْمعرفَة بحكمة الله إِلَّا مَعَ الْمعرفَة بِذَاتِهِ وَصِفَاته وَلَا يَصح الْمعرفَة بحكمة النَّبِي إِلَّا مَعَ الْمعرفَة بِكَوْنِهِ نَبيا وَإِنَّمَا يعلم عصمَة الْأمة إِذا عرف أَن الله وَرَسُوله قد شهد بعصمتها والقرائن الناسخة والمخصصة يفْتَقر الْعلم بهَا إِلَى الْعلم بجملة النَّاسِخ والمنسوخ وَالْخَاص وَالْعَام وشروط ذَلِك وَأما الْأَفْعَال فان الِاسْتِدْلَال بهَا يفْتَقر إِلَى الْعلم بِأَنَّهَا حجَّة وَإِلَى الْعلم بِالْوَجْهِ الَّذِي وَقع الْفِعْل عَلَيْهِ وَالْخطاب الْمَنْقُول إِمَّا مَنْقُول بالتواتر وَلَا حَاجَة عَن عَدَالَة الروَاة وضبطهم وَإِمَّا ظن

<<  <  ج: ص:  >  >>