للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي وُجُوه الْفساد الَّتِي قد سلمت الْعلَّة مِنْهَا عدم الدّلَالَة على صِحَّتهَا فأقيموا الدّلَالَة على صِحَّتهَا لنسلم قَوْلكُم إِنَّهَا قد سلمت من عدم الدّلَالَة على صِحَّتهَا وَإِن لم تعدوا عدم الدّلَالَة على صِحَة الْعلَّة من وُجُوه الْفساد وقلتم إِن الْعلَّة إِذا سلمت من النَّقْض وَالْقلب وَالْعَكْس وَمَا جرى مجْراهَا فَهِيَ صَحِيحَة لم نسلم لكم أَن مَا سلم من هَذِه الْوُجُوه فَهِيَ عِلّة صَحِيحَة

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن عجز الْخصم عَن إفسادها يدل على صِحَّتهَا وَهَذَا لَا يدل لِأَن الْخصم قد يعجز عَن إِفْسَاد الْفَاسِد لِأَن أَكثر مَا فِي عجز الْخصم عَن إفسادها كَونهَا سليمَة من وُجُوه الْفساد وَهَذَا هُوَ الرُّجُوع إِلَى الْوَجْه الأول وَقد تكلمنا عَلَيْهِ فان قيل أَلَيْسَ عجز الْعَرَب عَن مُعَارضَة الْقُرْآن دَلِيلا على إعجازه فَهَلا عجز الْخصم عَن إِفْسَاد الْعلَّة ومعارضتها على صِحَّتهَا الْجَواب إِن الْقُرْآن إِنَّمَا كَانَ معجزا لنقضه لعادة الفصحاء ومباينته لما تقدرون علته فاذا عجزوا عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ وَبِمَا يقارنه علم أَنه مباين لما تقدرون علته فَثَبت أَنه نَاقض للْعَادَة وَأما الْعلَّة فَلَيْسَ وَجه صِحَّتهَا كَونهَا ناقضة للْعَادَة حَتَّى يدل عجز الْخصم عَن الْإِتْيَان بِمِثْلِهَا على إعجازها وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ عجز النَّاس عَن معارضتها يدل على نقضهَا للْعَادَة وَلَيْسَ هَذَا من الْكَلَام فِي صِحَة الْعلَّة بسبيل

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن جَرَيَان الْعلَّة فِي معلولها دَلِيل على صِحَّتهَا وَهَذَا لَا يَصح لِأَن جَرَيَان الْعلَّة فِي معلولها مَعْنَاهُ هُوَ أَن الْمُعَلل علق بهَا الحكم فِي كل مَوضِع وجدت فِيهِ وَهَذَا هُوَ فعله وَلَيْسَ يدل فعله على صِحَّتهَا وَلِأَنَّهُ قد كَانَ يَنْبَغِي أَن يدل الْمُعَلل على صِحَّتهَا فِي الأَصْل أَولا حتي يحسن مِنْهُ أَن يعلق الحكم بهَا فِي الْفُرُوع فقد علم أَن جَرَيَان الْعلَّة فِي معلولها فرع على إِقَامَة الدّلَالَة على صِحَّتهَا فَلَا يجوز أَن يَجْعَل دَلِيلا على صِحَّتهَا يبين ذَلِك أَن محصول هَذَا الدَّلِيل هُوَ انا لما منعنَا الْمُعَلل من تَعْلِيق الحكم بِالْعِلَّةِ وذممناه على ذَلِك اعتذر من ذَلِك بِأَن قَالَ إِنِّي اعلق الحكم بهَا فِي مَوَاضِع أخر وَنحن إِذا منعناه من الأول وَخَالَفنَا فِيهِ فَأولى أَن نخالفه ونمنعه مِمَّا جعله عذرا لنَفسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>