للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من أَوْصَاف لَا يسْتَدرك عقلا كَونه عِلّة، وَرُبمَا لَا يدل عَلَيْهِ نَص كتاب وَلَا سنة. فَإِذا استدت طرق الْعلم بِكَوْن مَا " يرتضيه " القائسون عِلّة، وَلَيْسَ بعض الْأَوْصَاف بعد انحسام طرق الْعلم عَنْهَا أولى من بعض، فَمَا وَجه التَّوَصُّل إِلَى عِلّة مَعَ انسداد السبل؟

" قيل " إِن نسبتموها إِلَى الْقطع بعلة الأَصْل، فَهَذَا مِمَّا لَا نشترطه، والطرق الَّتِي ذكرتموها، طرق الْقطع. وَعلة الأَصْل فِي السمعيات لَا ترام قطعا وَإِنَّمَا يجتزي فِيهَا بِغَلَبَة الظَّن. " وَالظَّن " الَّتِي يعتصم بهَا، ويعقبها على مجْرى الْعَادَات غلبات الظنون مِمَّا سنذكرها.

١٦٠٠ - وَالْجُمْلَة الدافعة لما عولوا عَلَيْهِ أَن نقُول: إِن استبعدتم ثُبُوت أَمارَة على غَلَبَة الظَّن، فَهُوَ مَا لَا بعد فِيهِ. إِذْ يسوغ فِي / الْمَعْقُول نصب غَلَبَة الظَّن علما، كَمَا يسوغ ذَلِك فِي الْمَعْلُوم قطعا. وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ أَن قَائِلا لَو قَالَ لمن يخاطبه، والمخاطب من الْمُرْسلين مثلا: إِذا غلب على ظنكم كَون زيد فِي الدَّار وَوجدت ذَلِك، فَاعْلَم أَن وجود غَلَبَة الظَّن أَمارَة فِي تَحْرِيم الْكَلَام عَلَيْك، فَهَذَا مَا لَا بعد فِيهِ. كَمَا لَو قَالَ: إِذا علمت ان زيدا فِي الدَّار، فَهُوَ عَلامَة تَحْرِيم الْكَلَام عَلَيْك.

١٦٠١ - وسبيل الأقيسة السمعية سَبِيل الأمارات، فَكَأَن الرب تَعَالَى قَالَ للمكلفين: إِذا غلب على ظنكم كَون وصف من أَوْصَاف الأَصْل عِلّة،

<<  <  ج: ص:  >  >>