للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَلِكَ إِن قُلْتُمْ: لم يتعبد الله عباده بِطَلَب عِلّة متعينة فِي معلومه، وَإِنَّمَا كلف الْمُجْتَهد أَن يعْمل على مَا يرَاهُ عِلّة فِي غَلَبَة الظَّن فَهَذَا مُسْتَقِيم بالْقَوْل بتصويب الْمُجْتَهدين وَهُوَ أليق.

وَإِن عنيتم بِنَفْي عِلّة الأَصْل، أَنه لَا اعْتِبَار لَهَا بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَيْسَ على الْمُجْتَهد إِلَّا الِاعْتِبَار بِضَرْب من التَّحَرِّي، فَهَذَا بهت عَظِيم.

وَأول مَا يلزمكم / عَلَيْهِ أَن يُقَال: فسوغوا لكل عَامي أَن يلْحق الْفَرْع بِالْأَصْلِ وَلَا تخصصوا الْقيَاس بالمجتهدين، إِن لم تراعوا وَجها مَخْصُوصًا فِي الِاجْتِهَاد والتحري وإلحاق الْفَرْع بِالْأَصْلِ. فَإِن أحدا لَا يعجز عَن إِلْحَاق فرع بِأَصْل، إِذا رفض عَنهُ " التَّحَرِّي " والتدبر فِي طرق الِاجْتِهَاد.

وَمن أوضح مَا يسْتَدلّ بِهِ عَلَيْهِم، أَن نقُول لَهُم: لم جوزتم إِلْحَاق الْفَرْع بِالْأَصْلِ من غير رِعَايَة وَجه من التَّحَرِّي. فَإِن قلتموه عقلا، فَلَيْسَ فِي الْعقل إِلَّا تَجْوِيز الأقيسة المجوزة شرعا وفَاقا فَمَا الظَّن بِمَا اخترعتموه؟ وَإِن جوزتم ذَلِك سمعا فأقيموا عَلَيْهِ دلَالَة سمعية، وهيهات! .

١٦٩١ - وَقد ضرب القَاضِي رَضِي الله عَنهُ أَمْثِلَة مِنْهَا: أَنه قَالَ: فَلَو قَالَ قَائِل فِي إِجْرَاء الْأَحْكَام على السَّكْرَان فِي طَلَاقه وَغَيره، لما كَانَ السَّكْرَان معاقبا، وَجب أَن يكون معاقبا بِالطَّلَاق فَإِذا قيل لهَؤُلَاء: فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ قَالُوا: لم يلْزمنَا أَكثر مِمَّا قُلْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>