للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالُوا لَو علم الْوَاحِد منا بِوَحْي أَو إِعْلَام نَبِي بِمَا يكون من حَال مخاطبه فَلَا يحسن مِنْهُ أَيْضا تَقْيِيد خطابه بِبَقَاء الْمُخَاطب على صِفَات الْمُخَاطب.

وَالدَّلِيل / على تَجْوِيز الْخطاب بِبَقَاء صِفَات الْإِنْكَار وَإِن صدر الْخطاب [٥٥ / ب] من عَالم بِمَا يكون: أَن نقُول: إِذا ورد الْأَمر من الله تَعَالَى فَلَا تخلون إِمَّا أَن تَقولُوا يمْتَنع تَقْيِيده بِعِلْمِهِ بِمَا يكون فِي الْمَآل وَإِمَّا أَن تَقولُوا يمْتَنع تَقْيِيده للْعلم بِأَن الِامْتِثَال يتَقَيَّد بالإمكان لَا محَالة، فَلَا فَائِدَة فِي ذكره، فَإِن زعمتم أَن الْمَانِع من التَّقْيِيد الْعلم بِاشْتِرَاط الْإِمْكَان قطعا فَوَجَبَ أَن تَقولُوا: لَا يحسن منا تَقْيِيد أَمر بِانْتِفَاء من التَّقْيِيد كَون الرب تَعَالَى عَالما بِمَا يكون فَيلْزم من ذَلِك مَا لَا محيص عَنهُ وَهُوَ أَن لَا يُفِيد وعده ووعيده لعلمه بِمَا يكون كَمَا يفِيدهُ أمره وَلَو تتبعت وعد الْقُرْآن ووعيده ألفيت معظمه مُقَيّدا، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لَو اطَّلَعت عَلَيْهِم لَوَلَّيْت مِنْهُم فِرَارًا} فَمَا وَجه الترديد فِي ذَلِك مَعَ علم الرب تَعَالَى بِأَنَّهُ يطلع وَلَا يطلع إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى وَلَا يحصر من موارد الْقُرْآن وَالسّنَن فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه.

[٤٦٤] ثمَّ اعْلَم أَن هَذِه المسئلة تبتني على الَّتِي تقدّمت وَهِي أَنا قُلْنَا يقطع الْمُكَلف بِالْتِزَام مَا كلف مَعَ التَّرَدُّد فِي حكم الْعَاقِبَة، فترتب على ذَلِك مقصدنا ونقول: إِذا ورد الْأَمر مُطلقًا فَهَل تَقولُونَ إِنَّه يتَعَلَّق بالمكلف قطعا فِي الْحَال أم تستريبون فِيهِ، فَإِن استربتم فقد سبق وَجه الرَّد عَلَيْكُم، وَإِن قطعْتُمْ مَعَ انطواء حكم الْعَاقِبَة عَن الْمُكَلف فَيلْزم من ذَلِك أَن يكون مُكَلّفا مَعَ ذُهُوله عَمَّا يكون، وَالْأَمر مُتَوَجّه عَلَيْهِ قطعا، فَإِذا تصور ذَلِك الِاعْتِقَاد فِي الْأَمر الْمُطلق فَمَا الْمَانِع من تَقْيِيده بِمَا يعْتَقد فِيهِ عِنْد انطلاقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>