للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِمَّا أَن تَقولُوا أَن الْقبْح فِي الكفران وَالْحسن فِي الشُّكْر يدْرك اسْتِدْلَالا ونظرا، وتزعمون أَن ذَلِك مَعْلُوم ضَرُورَة. فَإِن زعمتم أَن ذَلِك يدْرك بطرق الْأَدِلَّة وَجب أَن تزعموا أَن من لم يسبر الْأَدِلَّة المفضية إِلَى إِدْرَاك الْحسن والقبح لَا يتَصَوَّر أَن يتَوَصَّل إِلَى إِدْرَاك ذَلِك. وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أبدا أَن الْعُقَلَاء بأجمعهم يعلمُونَ قبح الكفران وَالظُّلم وَالْكذب وَحسن الشُّكْر، من عرف الدَّلِيل مِنْهُم وَمن لم يعرفهُ، وَإِن أَنْتُم زعمتم أَنه مدرك ضَرُورَة فالعلوم الضرورية مِمَّا يَسْتَوِي فِيهَا الكافة عِنْد اسْتِوَاء أَسبَابهَا. وَنحن لَا ندرك مَا تزعمونه.

[٦٧] فَإِن قَالُوا: أَنْتُم تعلمُونَ الْقبْح وَالْحسن بيد أَنكُمْ تظنون أَنكُمْ تعرفونه سمعا وهما مدركان عقلا.

قُلْنَا: فَهَذَا ينعكس عَلَيْكُم. فَيُقَال لكم وَأَنْتُم تعلمُونَ الْقبْح سمعا بيد أَنكُمْ تحسبونه مدْركا عقلا. ثمَّ نقُول: لَو سلمنَا لكم أَنا نَعْرِف الْحسن وَصفا للْفِعْل ثمَّ خالفناكم فِي مدركه كَانَ يستتب لكم مَا سألتموه تَمامًا.

وَمن أصلنَا أَنا لَا نعلم بِالْعقلِ وَصفا هُوَ حسن أَو قبح. وَإِنَّمَا علمنَا [٧ / ب] وُرُود / الشَّرَائِع ... لكم ذَلِك ادعيتم اللّبْس بعده فِي الْمدْرك. وَهَذَا مَا لَا حِيلَة لَهُم فِيهِ.

[٦٨] فَإِن قيل: الدَّلِيل على أَنه مدرك ضَرُورَة أَن كَافَّة الْعُقَلَاء متفقون فِي دركه فَمَا من عَاقل إِلَّا ويستحسن الشُّكْر ويستقبح الكفران.

قيل: فِي هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ قبل هَذَا السُّؤَال اكمل الغنية فِي إبِْطَال مَا أبديتموه، ثمَّ أَكثر مَا فِيهِ إِن سلم لكم مَا زعمتموه فَلَيْسَ فِيهِ استرواح.

<<  <  ج: ص:  >  >>