للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَيْضا، أَنه لما اسْتَحَالَ فِي مُسْتَقر الْعَادة أَن ينْقل أهل التَّوَاتُر مَا شاهدوه، وَلَا يُوجب نقلهم الْعلم الضَّرُورِيّ. مَعَ الْأَوْصَاف الْمَشْرُوطَة فِي أَخْبَار التَّوَاتُر. فَلم يفصل فِي ذَلِك بَين أمة وَأمة. وَهَذَا وَاضح لَا خَفَاء بِهِ.

فَإِن قَالُوا: الْعقل يحِيل اجْتِمَاع الْعلمَاء على بَاطِل وافتعال وكتمان حق وَوضع كذب. وَهَذَا مُسْتَدْرك فِي مجْرى الْعَادة.

قُلْنَا: فَأهل الْملَل [إِذا] قيسوا بعلماء الْإِسْلَام [فَإِنَّهُم] يزِيدُونَ عَلَيْهِم أضعافا مضاعفة. ثمَّ نراهم قد اتّحدت كلمتهم فِي ضروب من الْخَطَأ والضلال وَالْكفْر والمحال. والعادات لَا تخْتَلف باخْتلَاف الْأَدْيَان. فَمَا ذَكرُوهُ من رَكِيك من القَوْل.

١٣٣٥ - وَمِمَّا عولوا عَلَيْهِ أَيْضا، أَن قَالُوا: قد ثَبت اسْتِمْرَار شرع رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور، وَلَا تقوم الشَّرِيعَة إِلَّا بِحجَّة قَاطِعَة. وَلما كَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بَين أظهر أَصْحَابه كَانَ قَوْله مَقْطُوعًا بِهِ. فَلَمَّا اسْتَأْثر الله بِهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى رَحمته، فَيجب تَقْدِير حجَّة يقطع بهَا فِي التباس المشكلات وإتمام المعضلات. وَمَا هُوَ [إِلَّا] الْإِجْمَاع.

قُلْنَا: هَذَا أوضح فَسَادًا من كل فَاسد، والإطناب فِيهِ بعد عَن الْمَقْصد، وَالَّذِي يُبطلهُ على قرب، أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قد خلف فِينَا الْكتاب وَالسّنة المتواترة المستفيضة، وَيقوم الْقطع بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا. فَهَلا وَقع الاجتزاء بهما؟ وَكَذَلِكَ أَخْبَار الْآحَاد وطرق المقايس يقطع بهَا فِي إِيجَاب الْعَمَل. فَوَقع بهَا الاجتزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>