للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَاحب الْمنح أَيْضا، فَإِن مَتنه التَّنْوِير وَشَرحه الْمنح مأخوذان من بَحر شَيْخه ابْن نجيم، وَلم أر ذَلِك صَوَابا، فَإِن الَّذِي حَرَّره فِي الْبَحْر من كتاب الْقَضَاء، وَكَذَا مَا قدمه محشي الدّرّ الْمُخْتَار فِي الْمَفْقُود، وَمَا وعد بِهِ فِي كتاب الْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ فِي مُطلق الْقَضَاء على الْغَائِب بِلَا خصم عَنهُ حَاضر، لَا فِي خُصُوص فرع الرَّد بِالْعَيْبِ على الْغَائِب الَّذِي هُوَ مَوْضُوع الْبَحْث، بل أرى أَن الصَّوَاب أَن يكون الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِحكم خِيَار الْعَيْب فِي الْفَرْع الْمَذْكُور نَظِير فرع الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِحكم خِيَار الشَّرْط الْمَذْكُور آنِفا، وَأَن يكون كلا الفرعين جَارِيا على مَذْهَبنَا أَيْضا كَبَقِيَّة الْفُرُوع المسوقة أول التَّنْبِيه، وَلَيْسَ خَاصّا بِمذهب من يرى إِطْلَاق جَوَاز الْقَضَاء على الْغَائِب كَمَا قَالَه المحشيان، محشي الدّرّ ومحشي الدُّرَر الْمَذْكُور، فَإِن الْمَعْنى الَّذِي فِي فرع الرَّد على الْغَائِب بِخِيَار الشَّرْط، وَهُوَ دفع الضَّرَر عَن المُشْتَرِي لِئَلَّا يدْخل فِي ملكه مَا لَا يلائمه من غير رضَا مِنْهُ، مَوْجُود نَظِيره فِي فرع الرَّد على الْغَائِب بِخِيَار الْعَيْب، فَإنَّا إِذا لم نمكنه من الرَّد على البَائِع لغيبته فَاتَ عَلَيْهِ الْمَقْصُود من الْملك إِلَى أجل غير مَعْلُوم، إِذْ لَا يُمكنهُ وَالْحَالة هَذِه سوى إِمْسَاكه مَضْمُونا عَلَيْهِ إِلَى أَن يحضر البَائِع (وحضوره موهوم) من غير ارتفاق بِهِ بِاسْتِيفَاء شَيْء من مَنَافِعه أَو بِبيعِهِ وَالِانْتِفَاع بِثمنِهِ، لِأَنَّهُ إِن فعل شَيْئا من ذَلِك لزمَه الْمَبِيع بِعَيْبِهِ من غير رُجُوع بِنُقْصَان الْعَيْب، وَهَذَا مَا لَا يرتضيه الشَّرْع.

وَهَكَذَا قررت فِي الدَّرْس حِين مروري بِهَذِهِ الْقَاعِدَة، ثمَّ فِي أثْنَاء إِحْدَى تدريساتي للدرر ومروري بِخِيَار الْعَيْب رَأَيْت فِي حَاشِيَة الْمولى عبد الْحَلِيم على الدُّرَر عِنْد الْكَلَام على فرع الْقَضَاء بِالرَّدِّ على الْغَائِب بِخِيَار الْعَيْب مَا لَفظه: " تَصْوِير الْقَضَاء بِالرَّدِّ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَن يكون هَكَذَا: نصب القَاضِي وَكيلا مسخراً على الْغَائِب، فَسمع دَعْوَى مدعي الْعَيْب، فَأثْبت المُشْتَرِي الشِّرَاء وَالْعَيْب وَطلب الْوَكِيل التَّحْلِيف بِأَنَّهُ مَا رَضِي بِهِ أَو أَبرَأَهُ عَنهُ فَحلف فَقضى القَاضِي بِالرَّدِّ على البَائِع، ثمَّ وَضعه عِنْد الْوَكِيل المسخر لَو عدلا أَو عِنْد غَيره. وَيدل عَلَيْهِ مَا سبق عَن الْخَانِية فِي خِيَار الشَّرْط من أَن القَاضِي ينصب خصما عَمَّن عَلَيْهِ الْخِيَار ليرد عَلَيْهِ " انْتهى بِلَفْظِهِ. وَهُوَ مُوَافق لما فهمته وَللَّه الْحَمد.

<<  <   >  >>