للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُدَّعِي يَمِينه على أَن زيدا أودعهُ إِيَّاه يحلف على الْبَتَات، بِاللَّه لقد أودعهُ إِيَّاه زيد، وَلَا يحلف على الْعلم وَلَو كَانَ فعل غَيره، لِأَن تَمَامه بِهِ، وَهُوَ الْقبُول.

وَكَذَلِكَ لَو ادّعى على آخر أَنه اسْتقْرض أَو اسْتَأْجر أَو اشْترى مِنْهُ، فَإِنَّهُ يحلف على الْبَتَات، لِأَنَّهُ فعل الْمُدعى عَلَيْهِ من وَجه، أَو كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ يَدعِي الْعلم فَيحلف على الْبَتَات، كَمَا إِذا ادّعى الْمُودع أَن الْمُودع قبض الْوَدِيعَة فَإِنَّهُ يحلف على الْبَتَات، وكما لَو بَاعَ الْوَكِيل بِالْبيعِ وَسلم الْمَبِيع للْمُشْتَرِي ثمَّ أقرّ أَن مُوكله قبض ثمنه وَأنكر الْمُوكل فَيحلف الْوَكِيل على الْبَتَات بِأَن مُوكله قد قبض، فَإِذا حلف برِئ المُشْتَرِي، وَهُوَ تَحْلِيف فِي الفرعين على فعل الْغَيْر، وَلَكِن لما ادّعى الْمُودع وَالْوَكِيل أَنه عَالم بِهِ حلف على الْبَتَات.

وَلَو ملك عينا بِالْإِرْثِ فَادَّعَاهُ عَلَيْهِ آخر فَأنْكر يحلف على الْعلم. وَلَو ملكه بشرَاء أَو بِهِبَة فَإِنَّهُ يحلف على الْبَتَات، وَذَلِكَ لِأَن الْوَارِث نَائِب عَن الْمُورث، والنيابة لَا تجْرِي فِي الْحلف ليحلف، بِخِلَاف المُشْتَرِي والموهوب لَهُ فَإِنَّهُ أصل بِنَفسِهِ لَا نَائِب عَن غَيره، وَالظَّاهِر شَاهد لَهُ أَن مَا فِي يَده مَمْلُوك لَهُ، فَيحلف بتاً (ر: نور الْعين، من الْفَصْل الْخَامِس عشر، بِبَعْض توضيح) .

(تَنْبِيه ثانٍ)

: من الْمَعْلُوم أَن الشَّهَادَة تُقَام حسبَة على نَحْو طَلَاق الْمَرْأَة وَالْوَقْف، فَهَل يجْرِي فيهمَا التَّحْلِيف حسبَة؟ حكى فِي الْفَصْل الْخَامِس عشر من نور الْعين قَوْلَيْنِ فِيهِ، وَقدم القَوْل بجريان التَّحْلِيف حسبَة، وَنقل بعده عَن الْمُحِيط أَن مُحَمَّدًا رَحمَه الله تَعَالَى أَشَارَ إِلَى أَنه يحلف. ثمَّ رمز بعلامة (شيخ) قَالَ: لَا يحلف. ثمَّ قَالَ: وَالظَّاهِر أَن رِوَايَة التَّحْلِيف أصح وَأولى. انْتهى.

وَالظَّاهِر أَن معنى جَرَيَان التَّحْلِيف حسبَة أَنه إِذا لم يتم نِصَاب الشَّهَادَة، أَو تمّ، وَلَكِن الشُّهُود لم يعدلُوا فطلبوا يَمِين من فِي يَده عقار الْوَقْف أَو الزَّوْج، لَا أَن مَعْنَاهُ أَن القَاضِي لَهُ أَن يجلب الزَّوْج أَو من فِي يَده عقار الْوَقْف ويحلفه من غير طلب أحد، كَمَا ظَنّه بعض قُضَاة الْعَصْر، لِأَن الْوَاحِد لَا يصلح خصما وقاضياً حَتَّى نصوا أَن شَاهد الْحِسْبَة لَا بُد أَن يَدعِي بِمَا شهد بِهِ (ر: رد الْمُحْتَار، كتاب الْوَقْف) .

<<  <   >  >>