للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يحلف، وَهِي: مَا إِذا أقرّ ثمَّ مَاتَ فَادّعى ورثته أَنه كَانَ أقرّ كَاذِبًا وطلبوا تَحْلِيف الْمُدَّعِي الْيَمين على أَنه لم يكن كَاذِبًا فِي إِقْرَاره لَا يحلف، لأَنهم حِين أقرّ لم يكن تعلق حَقهم فِي مَاله، وَحين تعلق حَقهم فِي مَاله صَار المَال حَقًا للْمقر لَهُ.

وَلَو ادعوا أَنه كَانَ أقرّ لَهُ تلجئة وطلبوا تَحْلِيفه على أَنه لم يكن إِقْرَاره تلجئة يحلف الْمقر لَهُ: بِاللَّه لقد أقرّ لَك إِقْرَارا صَحِيحا (ر: نور الْعين، وجامع الْفُصُولَيْنِ، فِي الْفَصْل الْخَامِس عشر) .

وَقَالَ فِي نور الْعين بعده: يَقُول الحقير: وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يتحد حكم الْمَسْأَلَتَيْنِ إِذْ الْإِقْرَار كَاذِبًا مَوْجُود فِي التلجئة أَيْضا. وَلَعَلَّ وَجه الْفرق هُوَ أَنه فِي دَعْوَى التلجئة يَدعِي الْوَرَثَة على الْمقر لَهُ فعلا وَهُوَ تواضعه مَعَ الْمقر فِي السِّرّ، فَلِذَا يحلفهُ بِخِلَاف دَعْوَى الْإِقْرَار كَاذِبًا. انْتهى بِبَعْض توضيح.

بَقِي مَا لَو أقرّ ثمَّ ادّعى الْخَطَأ فِي الْإِقْرَار، هَل يحلف الْخصم على عدم كَون الْمقر مخطئاً كَمَا يحلف لَو ادّعى الْكَذِب فِي الْإِقْرَار على عدم كَونه كَاذِبًا فِي إِقْرَاره؟ الظَّاهِر أَنه يحلف (ر: الْمَادَّة / ١٥٨٩ من الْمجلة) . إِذْ معنى كَونه مخطئاً أَن إِقْرَاره لَهُ لَيْسَ بصواب وَلَا مُوَافقا للْحَقِيقَة وَهُوَ معنى كَونه كَاذِبًا فِيهِ، وَهُوَ أولى فِيهِ، لِأَن دَعْوَى الْكَذِب تعمد للإقرار فإقدامه عَلَيْهِ مَعَ علمه بِعَدَمِ وجوب شَيْء عَلَيْهِ، أَحَق بِأَن يُؤَاخذ فِيهِ فَلم يُؤَاخذ، فَكَانَ عدم مؤاخذته فِي الْخَطَأ أولى.

(تَنْبِيه آخر:)

إِن مُؤَاخذَة الْمَرْء بِإِقْرَارِهِ تجْرِي على إِطْلَاقهَا فِي الْقَضَاء لَا فِي الدّيانَة، لِأَن الْمقر لَهُ إِذا كَانَ يعلم أَن الْمقر كَاذِب فِي إِقْرَاره لَا يحل لَهُ أَخذه عَن كره مِنْهُ. أما لَو اشْتبهَ الْأَمر عَلَيْهِ حل لَهُ الْأَخْذ عِنْد مُحَمَّد خلافًا لأبي يُوسُف (ر: رد الْمُحْتَار، من البيع الْفَاسِد، عَن النَّهر، قبيل قَول الْمَتْن: بنى أَو غرس فِيمَا اشْتَرَاهُ فَاسِدا) .

<<  <   >  >>