للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي يَوْمه، وَرجع فِي الْغَد، فَعَلَيهِ نصف الْأجر للذهاب لَا للرُّجُوع إِذْ خَالف فِيهِ " (انْتهى) . وَنقل فِي (الْفَصْل السَّادِس وَالْعِشْرين من إجارات) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة، عَن التَّتارْخَانِيَّة، عَن جَامع الْفَتَاوَى، عدم وجوب الْأجر أصلا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة إِلَى مَكَان مَعْلُوم، وَخرج بهَا إِلَى ذَلِك الْمَكَان، وَلَكِن بعد أَن مكث كثيرا مِقْدَار مَا لَا يمْكث فِي انْتِظَار الْقَافِلَة، وَقَالَ: قد تقرر عَلَيْهِ الضَّمَان فَلَا يرْتَفع بِالْخرُوجِ فَلَا يجب الْأجر.

فَظهر بِهَذَا أَنه لَا يشْتَرط لانْتِفَاء الْأجر الضَّمَان بِالْفِعْلِ، فَإِنَّهُ قد يكون بِالْفِعْلِ وَذَلِكَ فِيمَا إِذا هَلَكت الْعين المأجورة بعد التَّعَدِّي، فَإِنَّهُ لَا أجر عَلَيْهِ لما قبل التَّعَدِّي وَلَا لما بعده. فقد قَالَ فِي (الْفَصْل الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ) من جَامع الْفُصُولَيْنِ: (من بحث إِجَارَة الدَّوَابّ، آخر صفحة / ١٦٤) مَا لَفظه: " اسْتَأْجرهُ قروي ليحمل عَلَيْهِ برا إِلَى الْمَدِينَة فَفعل وَوضع عَلَيْهِ فِي الرُّجُوع إِلَى بَيته قفيز ملح بِلَا إِذن فَمَرض فَمَاتَ ضمن لغصبه وَلَا أجر، إِذْ لَا يَجْتَمِعَانِ " ثمَّ قَالَ: " لَو سلم الْحمار فَلهُ أجر مَا سمى فَقَط، إِذْ لَا أجر للغصب " (انْتهى) .

وَقد تكون الْحَالة حَالَة تعد تجْعَل صَاحبهَا بمعرض الضَّمَان، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا سلمت الْعين بعد التَّعَدِّي، فَإِنَّهُ لَا أجر عَلَيْهِ لما بعد التَّعَدِّي، وَإِن انْتفع بِالْفِعْلِ أَو تمكن من الِانْتِفَاع، لِأَنَّهُ غَاصِب وبمعرض الضَّمَان.

وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا اسْتَأْجر حمارا لحمل مَتَاعه فِي طَرِيق معِين فَحَمله فِي طَرِيق آخر مخوف، أَو ليحمله على دَابَّة مُعينَة فَحَمله فِي الْبَحْر فَتلف فَإِنَّهُ يضمنهُ، وَإِن أوصله سليما وَجب كل الْأجر (ر: الْفَصْل السَّابِع وَالْعِشْرين من إجارات الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة، نقلا عَن التُّمُرْتَاشِيّ) .

وَلَا يرد هَذَا على مَا تقدم، لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ هُنَا إِيصَال الْمُسْتَأْجر (بِفَتْح الْجِيم) مَال الْمُسْتَأْجر (بِكَسْر الْجِيم) وَقد حصل. وَلَكِن مَعَ الْمُخَالفَة فِي كَيْفيَّة الإيصال الْمَشْرُوطَة، وَلَا عِبْرَة بِالْخِلَافِ عِنْد حُصُول الْمَقْصُود، بِخِلَاف مَا تقدم فَإِن العقد فِيهِ لَيْسَ وارداً على الْحمل والإيصال، بل على مَنْفَعَة دَابَّة مُعينَة ليعْمَل عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجر (بِالْكَسْرِ) . وَالْفرق ظَاهر للمتأمل.

<<  <   >  >>