للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: امتناع تأثيرِ غَيْر قُدْرةِ الله - تعالى - لتتعذَّر المعارَضَة، وهو موقوفٌ على بَيَانِ أن جميعَ الأَفْعَال مَخْلوقةٌ للهِ ﷿.

ثانيهما: اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ:

والعلومُ العربيَّةُ مشتملةٌ على النَّحْوِ والصَّرْفِ والأَدَبِ، فالنَّحْوُ: عِلمٌ بأُصُولٍ تُعْرَفُ بها أحوالُ الكلماتِ العربيَّة إعرابًا وبناءً، وفائدتُهُ: صوْنُ اللِّسَانِ عن الخطإ في الكَلام والاِسْتِعانةُ به على فهْم كلامِ الله وِرَسُولِهِ.

والصَّرْفُ: هو العِلْمُ بِأحْكَامِ بنْيَةِ الكلمةِ بِمَا لِحُرُوفها من أصالةٍ وزيادةٍ وصحَّةٍ وإعْلالٍ وغَيْرِ ذلك، ويُطْلَق أيضًا على تَحوِيل الكلمةِ إلى أبْنِيَةٍ مختلِفَةِ الضروب من المَعَاني، كالتَّصْغير، والتَّكثِير، واسْمِ الفَاعِل، واسْمِ المَفْعُول، ويُطْلَق أيضًا على تغْيِيرِ الكَلِمَةِ لِغَيْرِ معنىً طَرَأَ عَلَيْها، ولكنْ لغَرَضٍ آخرَ، ويَنْحَصِرُ في الزِّيادة، والحَذْف، والإبْدال، والنَّقْل، والإدْغام. وعِلْمُ الأَدَب: هو عِلْمُ نَظْمِ الكَلام، ومَعْرِفة مراتبه على مقتضى الحَالِ، واتِّصَالُ عِلْمِ الأصول بِعِلْمِ العربية اتِّصالُ استمدادٍ، ففهم الكتاب والسُّنَّة وهما عربيَّان متوقَفان على مَعْرِفة اللُّغة العَربيَّة، فمعرفةُ الدَّلالات اللَّفظيَّة من الكتابِ والسُّنَّةِ متوقَفَةٌ على مَعْرِفة مَوْضُوعها لغةً؛ من جهة الحقيقة، والمجاز، والعُمُوم والخُصُوص، والإضْمَار والحَذْف، والاِشْتِرَاك، والإِطْلاق، والتفْسِير، والمَنْطُوق، والمَفْهُوم، وغير ذلك من المَبَاحِث الأُصُوليَّة الَّتِي لا يَسْتَطِيع أَنْ يقِفَ على حقيقتها إلَّا مَنْ تَمَرَّسَ في عِلْم اللُّغَة نَحْوًا وَصَرْفًا.

قال الزركشيُّ في "البَحْر المحيط" (١) بعد حكاية العُلُوم الثَّلاثَة: عِلْمُ النَّحْو والصَّرْف والأَدَب -: وإنَّمَا يكونُ هذا مادَّةً لِبَعْضِ أنواعٍ الأُصُول، وهو الخطابُ دُونَ مَسَائِل الأَخْبَار، والإجْماع، والنَّسْخ، والقِياسِ، وهِيَ معْظم الأُصُول، ثم إن المادَّة فيه ليْسَتْ على نظير المادَّة من الكَلام، فإنَّ العِلْم بها مادَّةٌ لِفَهْم الأدلَّة، فعُلماءُ الأُصُول أخَذُوا القاعدة اللُّغويَّة من علماء اللُّغة، وبَرْهَنُوا على صحَّتها، وعَدُّوها مِنْ جُمْلَة مباحث عِلْم الأُصُول، وأضافُوا عَلَيْها مباحثَ أوْسَع دائرةً من المباحث اللُّغويةِ التي عِنْد أهْل اللُّغَة، فمِنْ أمْثلَةِ ذلك الصِّيَغُ والدَّلالات، فمثلًا "كُل"، و"مَنْ" و"أيٌّ" والجَمْع، إذا كان مُضافًا أو مُحَلًّى بـ "ألْ" والجَمْعُ إذا لَمْ يَكُنْ مضافًا، ولم يَدْخُل عَلَيْه "ألْ" والنكرةُ في سياق النَّفْي، والشَّرْطِ والإثْبَاتِ - كلُّ


(١) ينظر: ١/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>