للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكوتًا مجردًا عن إمارَةِ سخط وتقِيَّةٍ، وكل من الاتفاق القولي، والعمليب يسمَّى عزيمة، والسكوتي يسمَّى رخصة.

وقولنا: "المجتهدين فيه" للاستغراق، فيقضي أنه لا بُدَّ مِنَ الكُلِّ فخرج به أمران اتفاق العوام إذ لا عِبْرَةَ به على التَّحقيق، واتِّفاق بعض المجتهدين مع مخالفة الآخرين.

وقولنا: "من هذه الأمة" خرج به اتفاق مجتهدي الشَّرائِعِ السَّالِفَةِ.

وقولنا: "بعد وفاة محمد " مُتَعَلِّقٌ بـ "اتفاق"، لا بالمجتهدين؛ لأن المجتهدين قبل وفاته اتفاقهم حجة بعد وفاته، وخرج به اتفاق المجتهدين في حياته؛ لأن قولهم دونه لا يصح، وإن كان معهم فالحجَّة في قوله، وقولنا في عصر أيْ: في زمان قل أو كثر، وهو نكرة فالمراد الاتفاق في أيِّ عصر كان، وقيل: لولاه لم يدخل إلا اتفاق كل المؤمنين إلى يوم القيامة، ولكن الحقَّ أن الأمة تطلق على الموجودين في عصر كما تُطْلَقُ على كل المؤمنين من لَدُنِ الْبَعْثَةِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، والمتبادر هو الإطلاق الأول، فيصح الاستغناء عنه ولذا قال التفتازاني في "التَّلويح": ولا يخفى أن من تركهُ أي قَيْد "في عصر" إنَّما تركه لوضوحه لكن التصريح به أَنْسب بالتعريفات أيْ: لاحتمال لفظ الأمَّةِ المعنى الثاني: وهو كل المؤمنين، وقولنا: على أمر شرعيٍّ قيَّدْنَاهُ بالشَّرْعي؛ لأن الكلام في الإجماع الذي هو أحد الأدلة الشرعيَّة، وهذا لا ينافي أنه قد يجمع على أمر لغوي، أو عقلي، أو دنيويٍّ.

المَبْحَثُ الأَوَّلُ فِيمَا تتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الحجِّيَّةُ:

إن إثْبَاتَ حُجِّيَّةِ الإجْمَاعِ يرتكز على دعائمَ ثلاثٍ، إمكانه في نفسه، وإمكان العلم به، وإمكان نقله إلى من يحتج به، ولَقَدْ أراد منكرو حجيته أن يأتوا البنيان من قواعده فأنكروها، وقالوا: على وجه الإجْمَالِ يمتنع ثبوت الإجماع، ولو ثبت يمتنعُ العلم به، ولو علم يمتنع نقله إلى المجتهد فقد أسندوا كَلامَهُم إلى ثَلاثِ جهات فلا بد لهذا من ثلاثة مقامات:

المَقَامُ الأَوَّلُ في بيانِ إمْكَان الإجْمَاعِ:

ذهب جمهور العلماء إلى أنَّه ممكن وادَّعى بَعْضُ النَّظَّامِيَّةِ والرَّوافض استحالته، وتحرير محل النزاع أنه لا خلاف لأحدٍ في إمكان الإجماع عقلًا؛ لأن العقل لا يمنع من تصور اتِّفاق المجتهدينَ في عصر على حُكْمٍ من الأحكام؛ ولأن أدلَّتهم إنَّما تنتج استحالته

<<  <  ج: ص:  >  >>