للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضي الله تعالى عنه في قِتَالِ بني حَنِيفَةَ على أخذ الزكاة منهم، حيث كان الصَّحابة ﵃ مختلفين، فمنهم من يرى المُسَالَمَة لقُرْبِ موت النبي ﷺ، وانْكِسَارٍ في المسلمين حصل بسببه، ومنهم من يرى القِتَالَ عليها قياسًا على الصَّلَاةِ؛ لئلَّا يُحَسَّ منهم بالضعف والانْكِسَارِ فَيُطْمَع فيهم، وكان مِمَّنْ يرى القتال: أَبُو بَكْرٍ ﵁ فرجَعُوا إليه وسَلَّمُوا قياسَه، وَرُوِيَ عنه أنه قال: "والله لأُقَاتلنَّ مَنْ فَرَّق بينَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ" رواهُ الشَّيخان.

ويعتبر هذا إجماعًا منهم على حُجيَّةِ القياسِ كما وَرَّثَ الصدِّيقُ ﵁ أُمّ الأُمِّ دون أُمِّ الأَبِ فقيل له: تركتَ الَّتي لو كانت هي الميتة لَوَرثَ ابْنُ ابنِهَا الْكُلَّ، فشركَها في السُّدسِ على السَّواء، ووَرَّثَ عمرُ ﵁ المطلقة ثلاثًا في مرض زوجها مرض الموت قِيَاسًا على الفارِّ، كما رَجَع ﵁ في مَسْألَةِ قتلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ إلى رأي علي - كرَّم الله وجهَهُ - حين قال له: أَرَأَيْتَ لو اشترك نفرٌ في السَّرِقَةِ أكنت تَقْطَعهُمْ فقال: نعم، فقال: هكذا هنا ففيه قياس قتل الجماعة بالواحد على قطع الجماعة الذين اشتركوا في السَّرِقَةِ.

وقال عثمان ﵁ لعمر ﵁: إِنِ اتَّبَعْتَ رأيك فَسَدِيدٌ، وإن تتبع رأي من قبلك فنِعْمَ الرَّأْي، فقد جوز العمل بالرأي، وقاس علي - كرَّم اللَّهُ وجههُ - الشَّارِبَ على القاذِفِ في الحدِّ وأجمعُوا عليه.

قال الزُّهْرِيُّ: أخبرني حميدُ بنُ عبد الرحمن بنِ عوفٍ عن وبرة الصَّلْتِيِّ قال: بعثني خالدُ بنُ الوليدِ إلى عمَرَ فأتيته، وعنده علي وطلحة، والزُّبير، وعبد الرحمن بن عوف متَّكِئُونَ في المسجِدِ فقلت له: إن خالِدَ بنَ الوليدِ يقرأ عليكَ السَّلامَ ويقول لك: إن النَّاسَ قد انْبَسَطُوا في الخَمْرِ وتَحَاقَرُوا العقوبَةَ فما ترى؟ فقال عُمَرُ: هم هؤلاء عندك قال: فقال علي: أَرَاهُ إذا سَكِرَ هذى وإذا هَذى افْتَرَى وعلى المفتري ثَمَانُونَ فاجْتَمَعُوا على ذلك فقال عُمَرُ: بلِّغ صاحبَكَ ما قالوا، فضرب خالدٌ ثمانين وضرب عمر ثمانين، ومن ذلك قول عَلِيٍّ - كرَّم الله وجهَهُ -: اجتمع رأيي ورأيُ عمرَ ﵁ في أُمَّهاتِ الأولاد ألَّا يبَعْنَ ثمَّ رأيت بيعهن، فقال له قاضيه عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: يا أميرَ المُؤْمِنِينَ رأيك مع رأي عمر في الجماعة أحب إلينا من رأيك وَحْدَكَ، فقد جوز العمل بالرأي، ومن ذلك أنَّهُمُ اختلفُوا في توريثِ الجَدِّ مع الإخوَةِ بالرَّأْي، حيث روى الإمام أبُو حنيفَة في مسنده عن أمير المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>