للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرُورِيٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ:

فإن قلت: فغاية قوله إذن: يعسر تعريفه؛ لتعسُّر الاطِّلاع على الذاتي، والخارجي فيه، وذلك غير مختصٍّ بالعلم، بل يشمل كل الأشياء؛ إذ التمييز بين الذاتي والخارجي في غاية العُسْرِ.

قلت: هذا [لو] (١) لم [يقل: إنه] (٢) مختص بالعلم، وأي شيء (٣) يلزم من ذلك.

فإن قلت: فلم (٤) خصّ ذلك في العلم؟

قلت: لأن الحدَّ الحقيقي فيه أعسرُ وأشقُّ منه في غيره؛ على ما لا يخفى، وقد تابعه الغَزَّالِيُّ، وأفْصَحَ بأن المراد بالحد المُتَعَسِّرِ: الحقيقيّ، وأن ذلك لا يختص بالعلم؛ إذ قال: وربما يعسر (٥) تَحْلِيلُهُ على الوجه الحقيقي بعبارة مُحَرَّرَةٍ جامعة لِلْجِنْسِ وَالفَصْلِ الذاتي؛ فإنا بيَّنا أن ذلك عَسِرٌ في أكثر الأشياء. [انتهى] (٦).

وكلام الآمدي صريح (٧)، في أن الإمام والغزالي قالا: لا سبيل إلى تحديده، وأراد بالتحديد: ما هو أعم من الحَدّ الحقيقي والرسمي (٨)، وليس بجيد.

"وقيل": إنما لا يحد؛ "لأنَّهُ ضروري"، فكان (٩) غنيًّا عن التعريف.

والإمام في "المحصول" ذهب إلى أنه ضروريٌّ، لكن لم يقل: إنه لا يحد، بل عرفه بأنه حكم الذهن بأمر على أمر حكمًا جازمًا مطابقًا لموجب (١٠)


(١) سقط في ج، ح.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب، ت: وأيش.
(٤) في ت. ولم.
(٥) في أ، ب، ج، ح: تعسر.
(٦) سقط في ب.
(٧) ينظر: الإحكام ١/ ١٢ - ١٣.
(٨) في أ، ب: والرسم.
(٩) في ت: وكان.
(١٠) واستدل على دعواه هذه بدليلين:
الأول: من البديهي أن كل واحد يعرف أنه موجود، وهذا العلم حاصل لكل واحد من غير اكتساب، فيكون ضروريًا، وهذا العلم تصديق خاص، والعلم المطلق الذي نحن بصدده جزء من ذلك العلم الخاص، وغير خفي أن تصور الجزء سابق على تصور الكل، ولما كان تصور العلم الخاص ضروريًا، فليكن السابق عليه وهو العلم المطلق ضروريًا بوجه أولى. ويتلخص كل هذا في أن العلم بنسبة الوجود لكل أحد ضروري، والعلم المطلق جزء منه، فيكون ضروريًا.
ونظم الدليل منطقيًا هكذا: "العلم المطلق سابق على هذا العلم الضروري، والسابق على الضروري أولى أن يكون ضروريًا" فالنتيجة. العلم المطلق ضروري، وهو المطلوب، هذا هو الدليل، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>