للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَلَوْ قُدِّرَ فِي الْحَدِّ، لَكَانَ مُسْتَلْزِمًا عَيْنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ؛ وَلأنَّ الدَّلِيلَ يَسْتَلْزِمُ تَعَقُلَ مَا يُسْتَدَكُ عَلَيْهِ، فَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ، لَزِمَ الدَّوْرُ.

فَإنْ قِيلَ: فَمِثْلُهُ فِي التَّصْدِيقِ؛ قُلْنَا: دَلِيل التَّصْدِيقِ عَلَى حُصُولِ ثُبُوتِ النِّسْبَةِ أَوْ نَفْيِهَا، لَا عَلَى تَعَقُّلِهَا؛ .....................................................

وسط يستلزم حصول أمر في المحكوم عليه؛ فإنا إذا قلنا (١): العالَمُ حادثٌ؛ لأنَّهُ متغيّر، فالتغير (٢) وسط استلزم (٣) حكما (٤) على العالَم، مغايرًا له، وهو المراد بالبرهان، "فلو قدِّر في الحد" وسط، "لكان مستلزِمًا عين المحكوم عليه"؛ أي: مستلزمًا لثبوت عين (٥) المحدود لنفسه؛ فإن الحَدّ هو المحدود.

ولقائل أن يقول: هذا إنما يتمّ لو قيل بترادف الحدّ والمحدود، وسيصحِّح المصنِّف خلافه.

قال: "ولأنَّ الدَّليل يستلزم تعقل ما يُستدلّ (٦) عليه" قبل إقامة الدَّليل عليه، "فلو دَلَّ عليه" الحَدّ، "لزم الدور"؛ لأنه بدلالته عليه يكون متأخرًا، وهو متقدّم، ضرورةَ تقدمِ تعقله.

الشرح: "فإن قيل: فمثله" جار "في التصديق"؛ فيقال: لا يستدل على التصديق كما لا يستدل على الحد؛ لأن الدليل على التصديق يتوقف على تعقّل التصديق، فلو استفيد التَّصديق من الدليل؛ لزم الدور.

"قلنا": لا نسلّم مجيء الدَّوْر؛ فإن "دليلٌ التصديق على حصول ثبوت النسبة، أو نفيها"، أعني: الحُكم الإيجابي والسلبي (٧)، "لا على تعقلّها"؛ أي: تعقُّلِ النِّسبة الإيجابية، أو السلبية؛


= مما تقدَّم من عدم طرد أو عكس أو غير ذلك، فإذا قال: العلم تميز لا يحتمل النقيض. يقال له: ألم تقل: إنه صفة توجب التميز، أو التميز لا يصلح جنسًا له.
واعلم أنه لا تعارض إِلَّا لحدّ يعرَّف هو به، إذ لا تعارض بين التصورات، فإن أحدهما لا يمنع الآخَر، هذا كله إذا قصد إفادة الماهية فقط.
أما إذا قيل: الإنسان حيوان ناطق، وأريد به أن ذلك مفهوم شرعًا أو لغة يخرج عن كونه حَدًّا وصار حكمًا يمنع ويطلب عليه الدليل، ودليله النقل عن أهله شرعًا أو لغة.
(١) في ح: فإذا قلنا.
(٢) في ب: فالتغيير.
(٣) بياض في ب.
(٤) في ب، ت: حكمنا.
(٥) في ت: غير.
(٦) في ب: استدل.
(٧) في ب، ح: الشكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>