للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الْأَمَارَات، فَظَنِّيَّةٌ، أَو اعْتِقَادِيَّةٌ؛ إِنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ؛ إِذْ لَيْسَ بَيْنَ الظَّنِّ وَالاعْتِقَادِ، وَبَيْنَ أَمْرٍ - رَبْطٌ عَقْلِيٌّ؛ لِزَوَالِهِمَا مَعَ قِيَامِ مُوجِبِهِمَا.

الشرح: "وأما الأمارات، فظنية"، أي: نتائجها (١) ظنية، "أو اعتقادية"، لا مطلقًا، بل "إن لم يمنع مانع" عن حصول الظّن، أو الاعتقاد؛ "إذ ليس بين الظَّن، والاعتقاد، وبين أمرٍ - ربطٌ


= التسلسل - محال وإن تفاوتا وانتهت الناقصة كان التفاوت بينهما بقدر متناه؛ لأنه من الآن إلى الطوفان والمتفاوت بالمتناهي يستلزم التناهي فلا يتسلسل، وذلك لأن الناقصة لما انقطعت كانت متناهية والزائدة لم تزد عليها إلا بذلك المقدار المبتدأ من المعلول الأخير إلى الطوفان وهو متناه فيلزم التناهي لا محالة، وإلى هنا انتهى ذلك الدليل، وملخصه أنه عند تطبيق إحدى السلسلتين على الأخرى إن فرض التساوي كان محالا، فما أدى إليه - وهو التسلسل - محال وإن فرض التفاوت كانت إحداهما زائدة بقدر متناه والزائد على المتناهي بقدر متناه بالضرورة، ثم هذا الفرض صفة وحالة من حالات السلسلة، فلو كانت جائزة كانت كل صفاتها جائزة، وهذه الحالة أخص صفاتها فلذا ذكرت؛ لأنها في الحقيقة منتزعة منها فلا تسلسل أضلًا؛ لأن كلًا من السلسلتين قد انتهى. وقد أوردوا على هذا الدليل نقضين: الأول على فرض المساواة والثاني على فرض التفاوت وحاصل الأول لا نسلم إمكان المساواة حتى نفرض؛ لأن المتبادر من لفظ المساواة تماثل كل من السلسلتين في الكم؛ بمعنى أن عدد أفراد إحدى السلسلتين يكون مساويًا لعدد أفراد الأخرى وهذا لا يتأتى هنا؟ لأن الموضوع أن السلسلة غير متناهية والحكم بالتماثل في الكم فرع انحصار الأفراد، فلا يصح فرض التساوي. ويجاب عن ذلك بأن التماثل لا يتوقف على الانحصار؛ لأن معناه كون كل من السلسلتين اشتملت على ما اشتملت عليه الأخرى، وهذا المعنى تحقق مع عدم التناهي، وحاصل الثاني: سلمنا أن هناك تفاوتًا بين السلسلتين لكن لا نسلم التناهي؛ بدليل أنا إذا فرضنا جملتين من الأعداد إحداهما تكونت من تضعيف الواحد مرات غير متناهية - والثانية تكونت من تضعيف الاثنين مرات غير متناهية، ثم نطبق إحداهما على الأخرى فنجعل الواحد من الأولى بإزاء الاثنين من الثانية؛ فتكون إحداهما أزيد من الأخرى، ولا يلزم من ذلك التناهي، وكما يقال هذا في الأعداد يقال في مقدورات الله تعالى ومعلوماته؛ فإن المعلومات أكثر عددًا من المقدورات؛ لأن القدرة خاصة بالممكنات، والعلم يشمل الواجبات والجائزات والمستحيلات ومع هذا التفاوت فلا تناهي؛ لأن مقدورات الله ومعلوماته لا تتناهى. ويجاب عن ذلك بأن النقض بالأعداد لا يرد؛ لأن التطبيق المستدل به على بطلان التسلسل إنما اعتبر بين الأمور الموجودة كالأعراض، وأما الأعداد فهي من قبيل الأمور الوهمية المحضة؛ فلا يصح النقض بها. وأما النقض بمعلومات الله ومقدوراته فلا يرد أيضًا؛ لأن معنى عدم تناهي المقدورات عدم وقوفها عند حد، فما من مقدور إلا ويتصور وراءه مقدور آخر، وأما الموجود من المقدورات فهو متناه قطعًا، وكذلك المعلومات الوجودية متناهية، وأما العددية فهي بمعزل عن الدليل.
(١) في أ، ح: بنتائجها، وفي ج: فنتائجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>