للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أسرة تاج الدين السبكي، كما عرضتها دائرة المعارف الإِسلامية، ويفهم من ذلك أن آل السبكي كانوا على فضل وشرف عظيم، فهم قضاة، وخطباء، ومدرسون للعلم. ثم نضيق دائرة الحديث قليلًا، فنلقي أشعة الضوء على أسرة الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي، والد التاج، عليهما رحمة الله تعالى:

[١ - علي بن عبد الكافي: الشيخ تقي الدين]

ولد في سلطنة المنصور سيف الدين قلاوون، في سنة ٦٨٣ هـ، وقد عاصر سبعة عشر سلطانًا من سلاطين المماليك البحرية، وهو إِمام من أئمة الاجتهاد، نعته الذهبي بالقاضي العلامة الفقيه المحدث، الحافظ فخر العلماء، كان صادقًا ثبتًا خيرًا، دينًا متواضعًا، حسن السمت، من أوعية العلم، يدري الفقه ويقرره، وعلم الحديث ويحرره، والأصول ويقربها، والعربية ويحققها … وقد بقي في زمانه الملحوظ إِليه بالتحقيق والفضل".

وقال ابن حجر: "وقد باشر القضاء بهمة وصرامة وعفة وديانة" (١).

ولي التدريس في عديد من المدارس منها: المنصورية بمصر، وجامع الحاكم، وجامع ابن طولون، كما ولي القضاء، قال ابن العماد الحنبلي: "في سنة ٧٣٩ هـ قدم العلامة شيخ الإِسلام تقي الدين السبكي على قضاء الشَّافعية بالشام وفرح الناس به" (٢).

وقد أعان الشيخ تقي الدين على التبحر في العلم بيئة بيته وعناية أبيه، وهو أول معلم له، فقد "كان يخرج من البيت لصلاة الصبح، فيشتغل على المشايخ إِلى أن يعود قريب الظهر فيجد أهل البيت قد عملوا له فروجًا، فيأكل ويعود إِلى الاشتغال إِلى المغرب فيأكل شيئًا حلوًا لطيفًا، ثم يشتغل بالليل، وهكذا لا يعرف غير ذلك" (٣).

وبلغ من عناية والده به أنه زوجه بابنة عمه، وشرط ألَّا تسأله شيئًا من أمر الدنيا، قال ولده تاج الدين: "ثم زوجه والده بابنة عمه، وعمره خمس عشرة سنة، وألزمها ألَّا تحدثه في شيء من أمر نفسها، وكذلك ألزمها والدها، وهو عمه الشيخ صدر الدين، فاستمرت معه، ووالده ووالدها يقومان بأمرهما، وهو لا يراها إِلا وقت النوم، وصحبته مدة، ثم إِن والدها بلغه أنها طالبته بشيء من أمر الدنيا، فطلبه وحلف عليه بالطلاق ليطلقها، فطلقها،


(١) الدرر الكامنة ٣/ ٦٤.
(٢) شذرات الذهب ٦/ ١٢٠.
(٣) طبقات الشَّافعية الكبرى ١٠/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>