للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُسُلِهِ، أم معرفة الاعتقاداتِ المتعلِّقة بِتِلْك الصِّفات، فإِنْ تعلَّقَ بالوجدانيَّات، فهو عِلْمُ التَّصوُّف، وإِن تعلَّق بالاعتقاديَّاتِ، فهو عِلْمُ الكَلام، وإِن كان عن أحْوَالِهِ الظَّاهِريَّة، فَهُو الفِقْهُ بِالْمَعْنَى المَشْهُور (١).

فالإِضَافَةُ مَعْنَاهَا: اختصاصُ المُضَافِ بِالمُضَافِ إِلَيْه، باعتبار مَفْهُوم المُضَاف، فأصْلُ الفِقْهِ ما يخْتَصُّ بِالفِقْهِ مع كَوْنهِ مبنيًّا عليه، ومستندًا إِليه، والمَشْهُورُ أن الأصْلَ موضوعٌ في اللُّغة لما يَنْبَنِي عليه غَيْرُه، وأنه نُقِل إِلى معانيه المتعدِّدة.

فالمراد بـ "أصول الفقه" في هذا التركيب الدَّليل، فـ "أُصُولُ الفِقْه" أي: أدلَّته، فيقال: أصول الفِقْه: الكتاب، والسنَّة، والإِجماع، والقياس، أي: أدلَّتُه: الكتابُ … إِلخ.

التَّعْرِيفُ اللَّقَبِيُّ لأُصُولِ الفِقْهِ:

عَرَفْنا ممَّا تقدَّم في النقْل عن الإِمام أبي يُوسُفَ ﵀ أن استعمال "أصول الفقه" قد كان على الأقَلِّ في القرن الثَّاني الهجريِّ، بَيْدَ أنَّه من الصَّعْب الكشْفُ عن أوَّل مَن عَرَّف "أصول الفقه" وذلك لأنَّ كتب الأُصُول الَّتي ذُكِرَ فيها تعريفُ عِلْم الأُصُول إِنَّما كانَتْ للأصوليِّين من القرْن الخامسِ الهجريِّ، مع أن القرْنَ الثالث الهجريَّ قد شهد كثيرًا من الأصوليِّين المُبَرِّزين مِثْلُ: النَّظَّامِ (٢٢١ هـ)، وأصْبَغَ المالكيِّ (٢٢٥ هـ)، وداوُدَ الظَّاهريِّ (٢٧٠ هـ)، والبُوَيْطِيِّ الشافعيِّ (٢٣١ هـ)، والمزنِيِّ الشَّافِعِيِّ (٢٦٤ هـ).

كذلك وصل إِلَيْنا كثيرٌ من كتب الأصول المؤلَّفة في القَرْن الرَّابع الهجريِّ، مثل: أصول الشَّاشِيِّ لأبي إِسحاق الشاشيِّ الحنفيِّ (٣٢٥ هـ)، وكتاب أصول الجَصَّاصِ للإِمام الجصَّاص الحنفيِّ (٣٧٠ هـ)، وكتاب أصول الكَرْخِيِّ لأبي الحَسَن الكَرْخِيِّ الحَنَفِيِّ (٣٤٠).

ولم نجدْ في هذه الكُتُب تعريفَه، ومع ذلك لا نَسْتَطيع القولَ بعَدَم وجوده على سَبِيلِ الإِطْلاق حتَّى في القَرْن الرَّابع الهِجْريّ؛ وذلك لأن احتمال وجوده قائمٌ؛ بدليل وجود كثير من الأصوليِّين المبرّزين الذين ألَّفوا في عِلْم الأصول.

وحَمَلَتْ إِلينا كتبُ الأُصُولِ المؤلَّفةُ في القَرْن الخامسِ الهجريِّ - تعريفه؛ باعتباره عِلْمًا أو لَقَبًا.


(١) ينظر: حاشية الأزميري ١/ ٤٤، إِرشاد الفحول ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>