للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال من يذب عنه في يوم فراره: ما فر عن أخيه ولا ابنه. وقالت: ربيعة: عدوا لعامر وعتيبة مثل: قتلى بسطام، قتل بجيراً وعناقا ابنى مليل اليربوعيين - من بني ثعلبة بن يربوع - وأسر أباهما أبا مليل، - وكان سيد بني ثعلبة - وقتل عمارة بن عتيبة بن الحارث، ومالك بن حطان، وجرح أحيمر الثعلبي. فقالت بنو تميم: هؤلاء أحداث كانوا يتسرعون إليه فرادى فيقتلهم، وقد صار فخره بهؤلاء لعتيبة بن الحارث بأسره إياه. وقالوا: قتل أيضاً عتيبة يوم غول ابنى هجيمة الكنديين فهما أيضاً من هؤلاء الأحداث.

وقالت تميم وربيعة لقيس: فمن قتل عامراً ومن أسر؟ فقالت قيس: فمن قتل الخليفة وتآمر فهو سيد الناس، يريدون: أن الرئيس الضخم مثل الخليفة لا يقابل إذا اجتمع على شرف الرجل وشجاعته وجوده فلم يسأل عنه.

قال أبو عبيدة: كان عتيبة وبسطام عفيفين، وكان عامر عاهراً، وكان عامر وبسطام سخيين لا يليقان شيئاً وكان عتيبة بخيلاً ممسكاً فلم تجتمع الخصال الثلاث من هؤلاء إلا في بسطام؛ فإنه كان شجاعاً سخياً عفيفاً. وقد اشتركوا في الشرف. وقال ذو الغلصمة العجلى في الفرسان الثلاثة:

ألا أيها الراجى المؤمل عيشه ... ألا كل حي فوقها لذهاب

ألم تر بسطام بن قيس وعامراً ... أثوا وابن آل الحارث بن شهاب

عتيبة صياد الفوارس عطله ... ظهور جياد بعدهم وركاب

وقال ذو الغلصمة أيضا:

ألا إن خير الناس إن كنت سائلاً ... قتيلان بسطام بن قيس وعامر

هما أخو الحرب الذي شاب بكرها ... غلام أخو حرث وآخر عاقر

وما خلفا يمشى على الأرض من فتى ... ولكن شباناً عليها المآزر

ومطوهما وسم الأعادى عتيبة ... إذا ثار نقع والرماح شواجر

ولعتيبة يقول جرير بن الخطفى: منا أبو حزرة وسم الفرسان وقال لعامر بن الطفيل:

أعامر بن طفيل في مركبه ... أو حارثاً يوم نادى القوم يا حار

وفي بسطام يقول الربعي:

تألى على ما في يديك كأنما ... رأيت ابن ذي الجدين عندك عانيا

يعنى: بسطاما. وفيه يقول:

أناس يفادى الجدى فيهم كأنما ... يفادى به بسطام بكر بن وائل

[أجواد العرب في الجاهلية ثلاثة]

حاتم بن عبد الله الطائي، وكعب بن مامة الإيادى، ثم الحذاقى، وكلاهما آثر على نفسه.

والجواد: هرم بن سنان بن أبي حارثة الذي يقول له زهير:

إن البخيل ملوم حيث كان ول ... كن الجواد على علاته هرم

هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفواً ويظلم أحياناً فيظلم

قال ابن خالويه: فيتظلم ويطلم غير معجمة.

وكان مما آثر حاتم على نفسه: أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما كان بأرض عنزة ناداه رجل أسير فيهم: يا أبا سفانة: أكلنى الإسار والقمل، قال: ويلك - والله ما أنا في بلاد قومي، ولا معي شيء، وقد أسأت بي إذ نوهت باسمي ومالك مترك فساوم العنزيين به فاشتراه منهم، وقال: خلوا عنه وأنا أقيم مكانه في قيده حتى أؤدى فداءه ففعلوا. وقال لرفيقه: عجل علي إذا أتيت أهلي فأتنى بفدائه.

قال: وأتته امرأة بناب ومفصد ليفصدها فلبت في سبلتها أي: منحرها فهتفت وقالت: إنما أردت لتفصدها.

وفي رواية أنها لطمته فقال: لو غير ذات سوار لطمتنى فذهبت مثلا وقال في ذلك:

لا أفصد الناقة من أنفها ... لكننى أفصدها العاليه

ولحاتم يقول أوس بن حجر:

إني إلى حاتم رحلت ولم ... يدع إلى العرب مثله أحد

الهين اللين المخالطه ... في حيث أمسى وأصبح السعد

أمك حرمية مهذبة ... طابت له الأمهات والولد

وقال الفرزدق حين صافن عاصماً العنبري وضلا:

فلما تصافنا الإداوة أجهشت ... إلي غضون العنبري الجراضم

وجاء بجلمود له مثل رأسه ... ليشرب ماء القوم بين الصرائم

على ساعة لو إن في القوم حاتماً ... على جوده ضنت به نفس حاتم

الإداوة: المطهرة. الرواية: لضن بالماء حاتم بجعله بدلاً من الهاء.

<<  <   >  >>