للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنهُ لَا حرج على فَاعله وعَلى هَذَا دلّت هَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هَاهُنَا كَحَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي وَغَيره الى ان قَالَ وَلَكِن مِمَّا يَنْبَغِي أَن يعلم ان ذكر الشَّيْء بِالتَّحْرِيمِ والتحليل مِمَّا قد يخفى فهمه من نُصُوص الْكتاب وَالسّنة فان دلَالَة هَذِه النُّصُوص قد تكون بطرِيق النَّص وَالتَّصْرِيح وَقد تكون بطرِيق الْعُمُوم والشمول وَقد تكون دلَالَته بطرِيق الفحوى والتنبيه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما} الاسراء فان دُخُول مَا هُوَ اعظم من التأفيف من أَنْوَاع الْأَذَى يكون بطرِيق الاولى وَيُسمى ذَلِك مَفْهُوم الْمُوَافقَة وَقد تكون دلَالَته بطرِيق مَفْهُوم الْمُخَالفَة كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغنم السَّائِمَة الزَّكَاة فَإِنَّهُ يدل بمفهومه على أَنه لَا زَكَاة فِي غير السَّائِمَة وَقد أَخذ الْأَكْثَرُونَ بذلك واعتبروا مَفْهُوم الْمُخَالفَة وجعلوه حجَّة وَقد تكون دلَالَته من الْمَعْنى مَوْجُودا فِي غَيره فانه يتَعَدَّى الحكم الى كل مَا وجد فِي ذَلِك الْمَعْنى عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء وَهُوَ من بَاب الْعدْل وَالْمِيزَان الَّذِي أنزلهُ الله وَأمر بِالِاعْتِبَارِ بِهِ فَهَذَا كُله مِمَّا تعرف بِهِ دلَالَة النُّصُوص على التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم فَأَما مَا انْتَفَى فِيهِ ذَلِك كُله فَهُنَا يسْتَدلّ بِعَدَمِ ذكره بِإِيجَاب أَو تَحْرِيم على أَنه مَعْفُو عَنهُ انْتهى كَلَامه قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى ... ومقدرات الذِّهْن لم يضمن لنا تبيانها بِالنَّصِّ وَالْقُرْآن

وَهِي الَّتِي فِيهَا اعتراك الرَّأْي من تَحت العجاج وجولة الأذهان

لَكِن هُنَا أَمْرَانِ لَو تما لما احتجنا إِلَيْهِ فحبذا الْأَمْرَانِ

جمع النُّصُوص وَفهم مَعْنَاهَا المرا د بلفظها والفهم مرتبتان ...

<<  <  ج: ص:  >  >>