للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

امتزجت لأنفسها خرجت على لون مستسمج مِمَّا عد ذَلِك فِي الْعُقُول فَسَاد للأصباغ فَإِذا مزجها حَكِيم عليم يعلم عواقب ذَلِك المزاج خرج متقنا مستحسنا ثمَّ كَانَ الْعَالم خرج متقنا ثَبت أَن الَّذِي بِهِ كَانَ الْعَالم عليم حَكِيم يعرف عواقب الْأَشْيَاء فأخرجها على ذَلِك وَفِي ذَلِك فَسَاد أَن يكون تِلْكَ الطبائع أَو الطينة أَو ماسموا من الْأَسْمَاء لنَفسهَا صَارَت بِحَيْثُ يكون على مَا عَلَيْهِ يخرج فَثَبت أَن الَّذِي أَنْشَأَهَا كَذَلِك مُدبر حَكِيم وَيجب تكوينها لَا من شَيْء مَعَ مَا كَانَت الألوان كل لون مِنْهَا لَا يُوصف بِشَيْء مِمَّا ذكرُوا من الْحَرَارَة والبرودة إِذْ قد يكون فِي الْأَشْيَاء شَيْء يغلب عَلَيْهِ لون مِنْهَا وَهُوَ حَار وَآخر يغلب عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ مَعَ ذَلِك بَارِد فَثَبت أَنه لم يكن شَيْء من ذَلِك الألوان بِمَا ذكرُوا وَلَا مَا ذكرُوا بهَا وَفِي ذَلِك إِيجَاب غير الَّذِي قَالُوا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

وَكَذَلِكَ يجد مَا فِيهَا من الطعوم مُخْتَلفَة حَتَّى يكون بلون وَاحِد وطبيعة وَاحِدَة تخرج على نوع من الطّعْم نَحْو الملوحة أَو الحموضة أَو المرارة أَو الطينة الَّتِي لَا يضْرب إِلَى شَيْء من ذَلِك ثَبت أَن ذَلِك كَانَ بتدبير من يملك جعل كل على مَا شَاءَ من غير أَسبَاب وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

على أَن هَذِه الطبائع لَا يَخْلُو من أَن يكون جَوَاهِر أَو أعراضا فَإِن كَانَت جَوَاهِر صيرت بالأعراض الَّتِي اعترضت فِيهَا على مَا ذكر من الإختلاف وَهِي الإجتماع والإفتراق ولولاهما لَكَانَ كل جَوْهَر من ذَلِك مُتَفَرقًا وَدلّ اخْتِلَاف الْجَوَاهِر مَعَ إجتماع الأخلاط فِيهَا على غَلَبَة الْأَعْرَاض عَلَيْهَا وَأَنَّهَا تصرفها من حَال إِلَى حَال ثمَّ كَانَت الْأَعْرَاض لأنفسها لَا تقوم وَلَا تقدح فِي الْأَشْيَاء ثَبت أَنَّهَا عملت فِيهَا هَذَا الْعَمَل يمن يعلم أَنَّهَا تعْمل كَذَا وَلم يجز أَن يكون بِعلم أحد ذَلِك إِلَّا بِمن يملك جعل تِلْكَ الْجَوَاهِر يصلح لاحْتِمَال تِلْكَ الْأَعْرَاض ومحال علم مثله إِلَّا بِمن يَجْعَلهَا كَذَلِك وَفِي ذَلِك لُزُوم القَوْل بِوَاحِد عليم قَادر لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يصعب عَلَيْهِ تكوين مَا يُرِيد كَونه وَإِن كَانَت أعراضا فمحال وجودهَا

<<  <   >  >>