للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَيْهِ بشهى النِّهَايَة ثمَّ امتحنهم إِذْ أَبَت عُقُولهمْ احْتِمَال أمثالهم ورغبت فِي محَاسِن الْأَعْمَال وَمَكَارِم الْأَخْلَاق بِاخْتِيَار مَا حسن من الْأَعْمَال وَاجْتنَاب مَا قبح من ذَلِك ثمَّ جعل مَا فِيهِ محنتهم أَمريْن العسير واليسير والسهل والصعب إِذْ هم بِلَا محنة يتعاطون الْأَمريْنِ جَمِيعًا لما إِلَيْهِ مرجع مَا أقدموا عَلَيْهِ وامتنعوا وعَلى ذَلِك جعل الْأَسْبَاب الَّتِي بهَا التَّوَصُّل لَهُم إِلَى الأَصْل الَّذِي بِهِ يرتقى إِلَى كل دَرَجَة وينال كل فَضِيلَة وَهُوَ الْعلم على وَجْهَيْن على الظَّاهِر الْبَين والخفى المستور ليتفاضل بذلك أولُوا الْعقل على قدر تفاضلهم فِي الإجتهاد وإحتمال مَا كرهته الطباع ونفرت عَنهُ النَّفس وعَلى ذَلِك جعل سَبيله قسمَيْنِ أَحدهمَا العيان الَّذِي هُوَ أخص الْأَسْبَاب وهوالذي لَيْسَ مَعَه جهل ليَكُون أصلا لما خفى مِنْهُ وَالثَّانِي السّمع الَّذِي عَن دلَالَة الْأَعْيَان يعرف صدقه وَكذبه ثمَّ جعل السّمع قسمَيْنِ مُحكم ومتشابه ومفسر ومبهم ليبين مُنْتَهى المعارف من الْكَفّ فِيمَا يجب ذَلِك والإقدام فِيمَا يلْزمه وَمن حمل الْمُبْهم على الْمُفَسّر لزم الْمُحكم وَعرض الْمُتَشَابه عَلَيْهِ مَا أمكن أَن يكون مَا فِيهِ مِمَّا يلْزم تعرفه وَمِمَّا إِلَيْهِ حَاجَة بِأَهْل المحنة أَو ترك الْخَوْض فِي ذَلِك فِيمَا أمكن الْغِنَا عَن تعرف حَقِيقَة مَا فِيهِ فَيكون محنة الْوُقُوف إِذْ الله تَعَالَى يمْتَحن بِوَجْهَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ مرّة وبالطلب ثَانِيًا وَإِنَّمَا على العَبْد الطَّاعَة فِي قدر الْأَمر وَلما جمع جلّ ثَنَاؤُهُ كِتَابه على الْأَمريْنِ يعرف النَّاس الدّين أقرُّوا بِالْكتاب أَنه حق من عِنْد الله لَا يسع الْعُدُول عَنهُ وَأَن من لزمَه أَفْلح وَنَجَا وَمن مَال عَنهُ شقى وخسر حَتَّى ظن كل فريق أَنه قد أصَاب الْمُحكم من ذَلِك وَلَزِمَه وَأَن عَلَيْهِ فِيمَا ذهب إِلَيْهِ خصومه أَن يقف فِي ذَلِك أَو يجمله على مَا تقرر عِنْده فِيمَا اعتقده فألزم تفرقهم الْحَاجة كلا يعرف الْمُحكم من الْمُتَشَابه لُزُوم الْعلم بالمتشابه أَن لَا يتناقض الْمُحكم مِنْهُ ثمَّ مَعْلُوم أَنه لَا يحْتَمل الْقُرْآن الإختلاف وَبِه وصف الله أَنه {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا}

<<  <   >  >>