للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقرب إِلَى الأفهام لَا أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة أسماؤه وَلما تَأْخُذ الْقُلُوب مِنْهَا مَعَاني يتعالى عَنْهَا قرن بِالتَّسْمِيَةِ حرف نفى فَجعل التَّوْحِيد إِثْبَات ذَات فِي ضمن نفي ونفيا فِي ضمن إِثْبَات على مَا فسرت وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ثمَّ الدَّلِيل على مَا قُلْنَا مَجِيء الرُّسُل والكتب السماوية بهَا وَلَو كَانَ فِي التَّسْمِيَة بِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل تَشْبِيه لكانوا سَبَب نقض التَّوْحِيد وهم جَمِيعًا دعوا إِلَى عبَادَة الْوَاحِد وَإِلَى معرفَة وحدانية الْبَارِي لم يجز أَن يكون ذَلِك مِمَّا يُحَقّق الْعدَد وَيثبت الْمُوَافقَة لِلْخلقِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَلَكِن لما احتملت تِلْكَ الْأَسْمَاء خُرُوج الْمُسَمّى بهَا عَن المعروفين من المسمين بهَا جَازَ مجيهم بهَا مَعَ قَوْله {لَيْسَ كمثله شَيْء} لينفى بِهِ شيئية الْأَشْيَاء من الإدراكات البسيطة وَهِي الْأَعْرَاض وَالصِّفَات والأعيان المركبة وَهِي الْأَجْسَام وَبِاللَّهِ المعونة

وَبعد فَإنَّا لما وجدنَا جَمِيع مَا يعاين من الْعَالم مُضْطَرّا عَاجِزا عَن تَدْبِير نَفسه جَاهِلا ببدء حَاله وبمقدار الْأَخْذ فِي كل أَحْوَال من الزَّمَان وَالْمَكَان فِيهِ يتقلب وَبِه بِكَوْن مجتمعا فِي الأضداد الَّتِي هِيَ بِحَق الطباع متنافرة عقل أَنه لَا كَانَ بِنَفسِهِ وعقل أَن الَّذِي دبره وَقدره كَانَ لَهُ بِهِ علم وَعَلِيهِ قدرَة إِذْ خرج على إحتمال الأتفاق لذاته وَلَا على دلَالَة قُوَّة لَهُ بِنَفسِهِ وَعلم بِحَالهِ فَلَا بُد من تَحْقِيق الْمَعْنى الَّذِي فِي الشَّاهِد دَلِيله إِذْ لاوجه لمعرفته إِلَّا بِهِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ذَلِك بتدبير من دونه فإليه يرجع الْأَمر الأول وَفِي ذَلِك كُله مَا ذكرنَا

وَقَالَت الباطنية وهم الَّذين يصرفون الْمَذْكُور من الْأَسْمَاء إِلَى الْمُبْدع الأول وَالثَّانِي نَحْو الْعقل وَالنَّفس ويجعلون كل الْعَالم مبروزا فِي الْعقل تستمد مِنْهُ النَّفس

<<  <   >  >>