للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفظهَا والتوفر على نقلهَا قيل لَهُم هَذَا أَيْضا غير جَائِز لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة ابْتِدَاء إِظْهَار المعجزات على أَيدي الْكَذَّابين لِأَنَّهُ لَا فرق بَين خرق الْعَادة بقلب الْعَصَا حَيَّة وفلق الْبَحْر وَغير ذَلِك وَبَين خرقه الْعَادة فِي صرف دواعي النَّاس عَن نقل الْأَمر الْعَظِيم والخطب الجسيم وَمَا قد جرت الْعَادة بحفظه وانطلاق الألسن عَلَيْهِ وإلهاج الْأَنْفس بِذكرِهِ وَغَلَبَة إشهاره وإظهاره على طيه وكتمانه لِأَن ذَلِك أجمع خرق للْعَادَة وَلِأَنَّهُ أَيْضا إِفْسَاد الْأَدِلَّة وسد الْعلم بِإِثْبَات النُّبُوَّة لِأَنَّهُ لَو جَازَ ذَلِك لم نَأْمَن أَن يكون جَمِيع الرُّسُل قد عورضوا فِي آياتهم وَصرف الله سُبْحَانَهُ دواعي النَّاس عَن نقل الْمُعَارضَة وحفظها فَلَا يكون لنا مَعَ ذَلِك سَبِيل إِلَى الْعلم بِصدق وَاحِد نقل الْمُعَارضَة وحفظها فَلَا يكون لنا مَعَ ذَلِك سَبِيل إِلَى الْعلم بِصدق وَاحِد مِنْهُم وَقيام حجَّة على أمته لأننا إِذْ لم نَأْمَن كَون الْمُعَارضَة وَإِن جهلناها لموْضِع ترك النَّقْل لَهَا لم نَأْمَن أَن يَكُونُوا كذبه غير صَادِقين وَذَلِكَ يضاد اعْتِقَاد نبوتهم وَهَذَا كَلَام لَيْسَ لبَعض أهل الْملَل على بعض وَإِنَّمَا هُوَ للطاعن على سَائِر النبوات وَجَوَابه مَا كرناه من أَنه إِفْسَاد للأعلام وَإِيجَاب لعجز الْقَدِيم سُبْحَانَهُ عَن الْأَدِلَّة على صدق الصَّادِق والتفرقة بَينه وَبَين الْكَاذِب

مَسْأَلَة فِي الْمُعَارضَة والإعجاز

فَإِن قَالَ قَائِل مَا أنكرتم أَن يكون الْقَوْم إِنَّمَا تركُوا مُعَارضَة الْقُرْآن لإعراضهم عَن النّظر فِي أَن مُقَابلَته بِمثلِهِ مُوجب لتكذيب من أَتَى بِهِ قيل لَهُم فَهَذَا مِمَّا لَا نظهر فِيهِ وَلَا تَأمل لِأَنَّهُ لَا شُبْهَة على أحد كمل عقله فِي أَن

<<  <   >  >>