للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما نسب ابن السيرافي هذا الشعر إلى الخنساء لأنه اغتر بكلمتها التي أولها:

ألا ما لعينك أم مالها

" وما كل سوداء تمرة " وقد أدخل في كلمة الخنساء هذه بيتان من هذه الأبيات وهما: " وجارية وككرفئة " وجعل الخطاب فيهما بصخر، ولا يخفى ذلك على البصير الناقد.

وقوله: " ترمي السحاب ويرمى لها " تقول العرب: نشأت سحابة فجعل السحاب يرمى لها، أي ينضم إليها. وقال جامع بن عمرو بن مرخية الكلابي:

أسقى منازل من دهماء قد درست ... بالرمل ساريةٌ خضرٌ تواريها

خضراء تحيي رميم الأرض قد بليت ... يقص ساريها بالدجن غاديها

بحرية نشأت يرمى السحاب لها ... حتى تهلل نجدياً تهاميها

[قال ابن السيرافي قال حسان بن ثابت]

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الجواد المفضل

يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

قال: يمدح بذلك آل جفنة الغساني، وبلادهم بالشام، ومارية ذات القرطين هي أم جفنة بن عمرو مزيقياء.

يغشون: يغشاهم الطالبون والسائلون ويكثرون عندهم. في كلام يشبه هذا.

قال س: هذا موضع المثل:

ذهبت معدٌ بالعلاء ونهشلٌ ... من بين تالي شعره وممرق

ذهب العلماء بمعرفة ما في هذا البيت من معنى رائق، هو المعنى الذي ابن السيرافي عنه بمعزل، وكذلك ما فيه من النسب.

أما مارية، فهي بنت الأرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، وهي ذات القرطين الدرتين كأنهما بيضتا نعامة أو حمامة كانتا لها، وهي أم الحارث بن ثعلبة بن جفنة ابن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء. وقوله: " حول قبر أبيهم " وهو المعنى الذي لم يعرفه ابن السيرافي - يعني أنهم ملوك لا يفارقون بلدهم وحيث قبر أبيهم، ليسوا أعراباً ناجعة يتحولون من بلد إلى بلد، كما قال امرؤ القيس يذكر امرأة بدوية تتنقل من ماء إلى ماء:

أمن أجل أعرابية، حل أهلها ... جنوب الملا عيناك تبتدران

فدمعهما سحٌ وسكبٌ وديمةٌ ... ورشٌ وتوكاف وتنهملان

[قال ابن السيرافي قال زيد الخيل]

تمنى مزيدٌ زيداً فلاقى ... أخا ثقةٍ إذا اختلف العوالي

كمنيه جابرٍ إذا قال ليتي ... أصادفه وأفقد بعض مالي

قال: مزيد رجل من بني أسد، كان يتمنى أن يلقى زيد الخيل، فلقيه زيد الخيل فطعنه فهرب منه، فقال زيد في ذلك شعراً أوله ما أنشدته.

قال س: هذا موضع المثل:

إذا كان جار البيت بين محاربٍ ... وعبسٍ، فلا يبشر بعزٍّ ولا نصر

دفاعهم عنه إذا ما تجمعواوجدوا دفاع الإسكتين عن البظر

هذا القدر الذي ذكره ابن السيرافي من قصة هذا البيت لا يغني عن المستفيد شيئاً، ولم يذكر جابراً أيضاً أنه من أي الناس. وهو رجل من غطفان، تمنى زيداً وهو من باهلة، حتى صبحه زيد، فقالت له امرأته: قد كنت تتمنى زيداً فعندك، فالتقيا، فاختلفا طعنتين وهما دارعان كلاهما، فاندق رمح جابر ولم يغن شيئاً، وطعنه زيد برمح له يسمى علاجاً - وكانت على كل كعب ضبة من حديد - فأندره فتقلب ظهراً لبطن، وانكسر ظهره ولم يقتله. فقالت امرأته حين أتته - وهي ترفعه منكسرا ظهره -: كنت تمنيت زيداً فلاقيت أخا ثقة.

قال السيرافي قال أبو الخثارم البجلي - في منافرة بجيلة وكلب، فتحاكموا إلى الأقرع بن حابس، فقالت بجيلة نحن إخوة نزار ولهم أحاديث - فقال في ذلك أبو الخثارم

يا أقرع بن حابسٍ يا أقرع

إني أخوك فانظرن ما تصنع

إنك إن تصرع أخاك تصرعوا

إني أنا الداعي نزاراً فاسمعوا

قال: جعل تصرعوا للجماعة، يريد الأقرع وقومه، ولا شاهد فيه على هذا الوجه. ويروى هذا الرجز مجروراً وأنشد:

يا أقرع بن حابسٍ يا أقرع

إني أنا الداعي نزاراً فاسمع

في باذخٍ من عزةٍ ومفزع

وقائماً ثمت قل في المجمع

للمرء أرطاةٍ أنا ابن الأقرع

ها إن ذا يوم علاً ومجمع

ومنظرٍ لمن رأى ومسمع

قال س: هذا موضع المثل:

خليلي هل يشفي القلوب من الجوى ... بدو ذرا الأعلام، لا بل يزيدها

<<  <   >  >>