للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسار البيت الأخير مثلاً. يعني جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيئ. فقال طيئ: يا بني إنها أكرم دار في العرب. قال عمرو: لن أفعل إلا على شرط، أن لا يكون لبني جديلة في الجبلين نصيب. فقال طيئ لعمرو بن الغوث: لك شرطك.

وبنو جديلة: جندب وحور أبناء جديلة بنت سبيع من حمير، وهي أمهما، وأبوهما خارجة بن سعد بن فطرة بن طيئ. فأما حور فدرج لا عقب له، وعدد بني جديلة راجع لابني جندب، فهم جديلة طيئ.

فأقبل الأسود بن عفار الجديسي للميعاد ومعه قوس من حديد ونشاب من حديد، فقال: يا عمرو، إن شئت صارعتك، وإن شئت ناضلتك، وإلا سابقتك. قال عمرو: الصراع أعجب إلي، فاكسر قوسك لأكسرها أيضاً ونصطرع.

وكانت مع عمرو بن الغوث بن طيئ قوس موصولة بزرافين، إذا شاء شدها. فأهوى بها عمرو إلى الجبل فانفتحت الزرافين، واعترض الأسود بقوسه ونشابه الجبل فكسرها، فلما رأى ذلك عمرو أخذ قوسه فركبها وأوترها، وناداه: يا أسود، استعن بقوسك فالرمي أحب إلي فقال الأسود: خدعتني؟ فقال عمرو: الحرب خدعة، فسارت مثلاً، فرماه عمرو ففلق قلبه.

[قال ابن السيرافي قال منذر بن درهم الكلبي]

وأحدث عهدٍ من أمينة نظرةٌ ... على جانب العلياء إذا أنا واقف

تقول: حنانٌ ما أتى بك ها هنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف

قال: تقديره أي شيء أتى بك ها هنا، أذو نسب، معناه: أأنت ذو نسب في الحي، أم أنت عارف بهم فتقصد إليهم؟ .

قال س: هذا موضع المثل:

أقول لليلي رجلي لي جمتي ... بقية ما أبقى حسين بن مرجح

ههنا بقية معنى لا يتم إلا بمعرفة البيت الثالث، وهو:

فقلت أنا ذو حاجة ومسلمٌ ... فضم علينا المأزق المتضايف

وهي أبيات طريفة، أنشدها أبو الندى لمنذر بن درهم الكلبي، وأولها:

أمن حب أم الأشيمين وذكرها ... فؤادك معمودٌ له أو مقارف

تمنيتها حتى تمنيت أن أرى ... من الوجد كلباً للوكيعين آلف

سقى روضة المثري عنا وأهلها ... ركامٌ سرى من آخر الليل رادف

أقول ومالي حاجة في ترددي ... سواها بأهل الروض: هل أنت عاطف

وأحدث عهدٍ من أمينة نظرةٌ ... على جانب العلياء إذ أنا واقف

تقول: حنانٌ ما أتى بك ها هنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف

فقلت أنا ذو حاجة ومسلمٌ ... فصم علينا المأزق المتضايف

[قال ابن السيرافي قال قيس بن ذريح]

تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت عليها بالملا أنت أقدر

فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت ... فللدهر والدنيا بطون وأظهر

قال: قوله " فللدهر والدنيا بطون وأظهر " يريد أن الدنيا لا يطلع الإنسان فيها إلا على ظواهرها، ولا يعرف ما في عواقبها.

قال س: هذا موضع المثل:

ومارست الأمور بغير حزمٍ ... فما تدري أغثٌ أم سمين

لم يعرف ابن السيرافي ثالث البيتين، وهو جواب قوله: " فإن تكن.. " والصواب في قوله فللدهر: " وللدهر والدنيا بطون وأظهر " بالواو، فظن أن ذلك جواب، وإنما هو تمام المصراع اعتراضٌ بين إن وجوابها. والأبيات:

تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت عليها بالملا أنت أقدر

ومعنى قوله: " وأنت عليها أقدر " أنه قد خدع عنها حتى طلقها، فندم على طلاقها.

فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت وللدهر والدنيا بطون وأظهر

ومعنى قوله " بطون وأظهر " شدة ورخاء.

فقد كان فيها للأمانة موضع ... وللكف مرتادٌ وللعين منظر

وللحائم العطشان ريٌ يقوته ... وللمرح الذيال خمر ومسكر

كأني في أرجوحة بين أحبلٍ ... إذا ذكرةٌ منها على الأرض تخطر

[قال ابن السيرافي قال عامر بن الطفيل]

قالوا لها إنا طردنا خيله ... قلح الكلاب وكنت غير مطرد

فلأبغينكم قناً وعوارضاً ... ولأقبلن الخيل لابة ضرغد

<<  <   >  >>