للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الخامس] : باب حد المحارب

هو أحد الأنواع المذكورة في القرآن، القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلال أو نفي من الأرض١، يفعل الإمام منها ما رأى فيه صلاحًا لكل من قطع طريقًا ولو في المصر، إذا كان قد سعى في الأرض فسادًا٢، فإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ذلك٣.


١ لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣] .
يحاربون الله ورسوله: يخالفون أمرهما بالاعتداء على خلق الله عز وجل. يسعون في الأرض فسادًا: يعملون في الأرض بما يفسد الحياة من قتْل للأنفس وسلب للأموال، وإثارة للذعر والقلق. ينفوا: يطردوا منها وينحوا عنها؛ بالتعذيب أو الحبس. خزي: ذل وفضيحة وتأديب.
٢ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل بالعرنيين أحد الأنواع المذكورة في الآية وهو القطع كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "١/ ٣٣٥ رقم ٢٣٣" ومسلم "٣/ ١٢٩٦ رقم ٩/ ١٦٧١". عن أنس بن مالك أن ناسًا من عرينة قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة فاجتووها، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها"، ففعلوا، فصحُّوا، ثم مالوا على الرعاة، فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبلغ ذلك النبي، فبعث في إثرهم، فأُتِيَ بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم. وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.
عرينة: حتى من قضاعة وحي من بجيلة من قحطان، والمراد هنا الثاني. فاجتووها: معناه استوخموها؛ أي: لم توافقهم وكرهوها؛ لسقم أصابهم. قالوا: وهو مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف: وساقوا ذود رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي أخذوا إبله وقدموها أمامهم سائقين لها طاردين. سمل أعينهم: ومعنى سمل فقأها وأذهب ما فيها. وتركهم في الحرة: هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة وإنما ألقوا فيها؛ لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
٣ لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٤".

<<  <   >  >>