للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب السادس] : باب من يستحق القتل حدًّا

هو الحربي١ والمرتد٢ والساحر٣ والكاهن٣


١ لا خلاف في ذلك لأوامر الله عز وجل بقتل المشركين في موضع من كتابه العزيز؛ منها: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] ، ومنها: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٣٦] ، ولما ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبوتًا متواترًا من قتالهم، وأنه كان يدعوهم إلى ثلاث ويأمر بذلك من يبعثه للقتال.
كما أخرج مسلم "٣/ ١٣٥٧ رقم ٣/ ١٧٣١" وغيره، عن بريدة، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا. ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال "أو خلال" فأيتهن ما أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسَلْهُم الجِزْيَة، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أَبَوْا فاستعن بالله وقاتلهم".
ولا تغُلُّوا: من الغلول ومعناه: الخيانة في الغنم. فلا تخونوا في الغنيمة. ولا تمثلوا: أي تشوهوا القتلى بقطع الأنوف والآذان. وليدًا: أي صبيًّا؛ لأنه لا يقاتِل.
٢ للحديث الذي أخرجه البخاري "٦/ ١٤٩ رقم ٣٠١٧" وغيره عن عكرمة أن عليًّا رضي الله عنه حرق قومًا، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بدل دينه فاقتلوه".
٣ لكون عمل السحر نوعًا من الكفر. ففاعله مرتد يستحق ما يستحقه المرتد. قال تعالى عن هاروت وماروت: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} إلى أن قال: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: ١٠٢] . والسحر من الكبائر انظر "كتاب الكبائر" للذهبي تحقيق وتخريج الشيخ محيي الدين مستو، ص٤٥-٤٧، "الكبيرة الثالثة".
٤ لكون الكهانة نوعًا من الكفر، فلا بد أن يعمل من كهانته ما يوجب الكفر. وقد ورد أن تصديق الكاهن كفر، فبالأولى الكاهن إذا كان معتقدًا بصحة الكهانة، ومن ذلك ما أخرجه مسلم "٤/ ١٧٥١ رقم ١٢٥/ ٢٢٣٠" عن صفية، عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". ومن ذلك أيضًا ما أخرج أبو داود "٤/ ٢٢٥ رقم ٣٩٠٤" والترمذي "١/ ٢٤٢ رقم ١٣٥" وابن ماجه "١/ ٢٠٩ رقم ٦٣٩". وغيرهم عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>