للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومس الذكر١.


= حديث صحيح، قلت: الحديث لا يدل على نقض الوضوء بالقيء؛ لأنه مجرد فعل منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب، وغايته أن يدل على مشروعية التأسي به في ذلك، وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص، وهذا ما لا وجود له هنا. وقد ذهب كثير من المحققين إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، منهم ابن تيمية في "الفتاوى" له وغيرها. [الإرواء للمحدث الألباني "١/ ١٤٨"] . لم يأت من قال بأن الرعاف -خروج الدم- ناقض للوضوء بشيء يصلح للتمسك به. [انظر السيل الجرار للشوكاني "١/ ٩٨"] .
١ للحديث الذي أخرجه أبو داود "١/ ١٢٥ رقم ١٨١" والترمذي "١/ ١٢٦ رقم ٨٢" والنسائي "١/ ١٠٠" وابن ماجه "١/ ١٦١ رقم ٤٧٩" وغيرهم عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مس ذكره فليتوضأ". وهو حديث صحيح.
وحديث طلق بن علي، قال: قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد أن يتوضأ؟ فقال: "وهل هو إلا بضعة منك" وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم "١٨٢" والترمذي رقم "٨٥" والنسائي "١/ ١٠٠" وابن ماجه رقم "٤٨٣" وغيرهم.
قال المحدث الألباني في "تمام المنة" "ص١٠٣": وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما هو بضعة منك" فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة؛ لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم. بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر؛ لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بيِّن كما ترى، وعليه فالحديث ليس دليلًا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقًا لا ينقض الوضوء، بل هو دليل لمن يقول: بأن المس بغير شهوة لا ينقض الوضوء، وأما المس بالشهوة فينقض، بدليل حديث بسرة. وبهذا يجمع بين الحديثين" اهـ.

<<  <   >  >>