للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأولى أن يكون الإمام من الخيار١، ويؤم الرجلُ النساءَ لا العكس٢، والمفترِضُ بالمتنفِّلِ والعكس٣، وتجب المتابعة في غير مبطل٤، ولا يؤم الرجل قومًا هم له كارهون٥.


= فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين. فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم" أو قال: "قد أصبتم" يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
فأفزع ذلك المسلمين: أي أوقعهم في الفزع، سبقهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة.
١ للحديث الذي أخرجه مسلم "١/ ٤٦٥ رقم ٦٧٣" وغيره عن أبي مسعود الأنصاري: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلمًا، ولا يُؤَمَّنَّ الرجلُ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" قال الأشج في روايته مكان سلمًا: "سنًّا".
سلمًا: أي إسلامًا. تكرمته: قال العلماء: التكرمة الفراش ونحوه مما يسبط لصاحب المنزل ويخص به.
٢ للحديث الذي أخرجه البخاري "٢/ ٣٤٥ رقم ٨٦٠" ومسلم "١/ ٤٥٧ رقم ٦٥٨" وغيرهما عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعته. فأكل منه. ثم قال: "قوموا فأصلي لكم"، قال أنس بن مالك: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس، فنضحته بماء. فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، ثم انصرف.
ما لبس: إن لبس كل شيء بحسبه. واللبس هنا معناه الافتراش. واليتيم: اليتيم اسمه: ضمير بن سعد الحميري. والعجوز: هي أم أنس، أم سليم.
٣ للحديث الذي أخرجه البخاري "٢/ ١٩٢ رقم ٧٠٠" ومسلم "١/ ٣٤٠ رقم ١٨٠" عن جابر بن عبد الله: "أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع فيؤم قومه" انظر هامش "ص٦١"، وهامش "٢".
٤ للحديث الذي أخرجه البخاري "٢/ ٢٠٨ رقم ٧٢٢" ومسلم "١/ ٣٠٩ رقم ٤١٤" عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون، وأقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة".
قلتُ: أما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" منسوخ فقد أخرج البخاري "٢/ ١٦٦رقم ٦٨٣" ومسلم "١/ ٣١٤ رقم ٩٧/ ٤١٨" عن عائشة قالت: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه فكان يصلي بهم. قال عروة، فوجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفسه خفة، فخرج فإذا أبو بكر يؤم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه أن كما أنت فجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر".
٥ للحديث الذي أخرجه الترمذي "٢/ ١٩٣ رقم ٣٦٠" عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون". وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم "٤٨٦".

<<  <   >  >>