للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فجعلْتُ أسحُ بين المسارح، وأصولُ في صَهْوةِ ذلكَ القارح، وأحْمَدُ وخْدَ هاتيكَ المَطارح، حتى رُميتُ إلى مَحْفل يُعافُ عندَهُ قُسُّ البراعةِ ويناف، وتطاف فيه لطائمُ المباحثة وتُسافُ، فَنَشَبْتُ في ذلكَ الإكليل، بالكَلِم الكَليلِ، ونُسِبْتُ في ذاكَ النَّقيلِ، إلى قصر القيلِ، فما بَرحوا يَسْرحُونَ بِبَرِّ الجَدَلِ ويَمرحونَ، ويَسْبحونَ ببَحْرِ حلوِ المُلَح ويمتحونَ، إلى أنْ اتَّصل بذلكَ القراع، ذِكرُ صناعةِ الرِّقاع، التي أسْهَرتِ الحَيْص بَيْصَ، فوقعوا لِوَقع السَّدَرِ في مصايدِ حَيصَ بيصَ فقال قائلٌ: تاللهِ لَقَدِ اقتادَ بكفِّ فكرته أجيادَ الإجادةِ، وانقادَ لقدِّ مقدرته جيدُ أجنادِ هذه الإفادةِ، وقالَ قائلٌ: إنَّ وإنَّهُ حَلَبَ براحةِ قريحته أثداء البدائع، وأذابَ أفئدة أضداده بذَوب ضَرَب إبداعه الذائع، وقالَ قائل: إيْ وربِّ الكعبة، ومذلَلِ الصياصي الصّعبة، ولذلكَ أمعنَ بطلب بعقوبا، وضارعَ بانسحابِ جَللِ أحزانه بعقوبا، قال الراوي: وكنتُ حينَ أخذْتُ مكاني في المكانِ، وعُمْتُ خَلْفَ سَيْبِ سُكانِ تلك السادةِ السُّكّانِ، لحظتُ شيخاً مَسْدولَ الحاجبينِ، توذِنُ بغروبهِ غِربانُ البَيْني، يترجمُ تُرجمانُ جُفونه، عن جزالةِ فنونِه، وينبئ ابيضاضُ عًثنونه، بإسراع عساكر مُنونه، فلمّا عَرَفَ ما عرَفَ، ووقفَ بما وقَفَ وثَبَ وثوبَ العَنْكَبوت، وأومأ إلي بالسكوت، فألفيتهُ الدَبيب النافثَ، والعَنْدليبَ المُنافثَ، أبا نصر العَقوقَ، معلِّم قاضي البهائم العُقوقَ فطِبْتُ نفساً بقدومه، وضَمَمْتُ مِنْشارَ شِدةِ الفَرَح إلى قدومه، ثم إنَّه حَسْبَلَ وبرشم، وسبحل وجرشم، وقالَ: يا أولي الأواصر الباصرة، والعناصر الناصرة، أتبالغونَ غاية المُبالغةِ، وتُلغونَ ذا البلاغة البالغةِ، تُبًّا لِمَنْ يَمْتَهنُ النّزيلَ، ويَسْتَسْمِنُ الهِزيلَ، ثم أشار بيده إلي، وقال: ادْن لديّ، بحياةِ عيني، وأمْلِ عليهم من ضُروب رقاعِكَ، ما يعطرُ نواحي بقاعك، كي لا تَفتخر بعدَها بالرفاتِ، وتحتقرَ فِقرَ الكفاةِ، فقلتُ له: أتستنجدُ بالجدْجُدِ على السباع، وترومُ جرَّ المجرةِ بيدِ القصير الباع، وتستمطرُ عرمض معينه، ويغلث غث رث اختراعه بسمينه، فكيفَ تُقْدمُ على الأسود الشاءُ ويُقدمُ على الحِجاج الخشاءُ، أم كيفَ يُستسقى صاحبُ البَغَر، ويُرامُ سدُ الثّغر، بمخالبِ النُّغَر، أو ما سمِعْتَ المثل بينَ الورى، أطرِقْ كرا، إن النعام في القرى، فأبرُزْ بسيبكَ الرابي على الذّرى، فكلُّ الصيدِ في جَوفِ الفَرا، فقال لي: أما تعلمُ أنَّني مِمَن يثرُدُ لجياعه، ولا يَسْكبُ إلاَّ عندَ طَلَبِ انتجاعه فإن استوكفوني وكَفْتُ، وإن استوقفوني وقفْتُ، فقال بَعْضُ مَنْ حضرَه وقدِ استباح من ظَنَه ما حَظَرَهُ يا ذا إنْ فَرَيت بريحك شراعي ورَعيتَ أنُفَ هذي المراعي، علمنا أنَّك النَّضيرُ السَّامِقُ والأخيرُ السابقُ، والمُستمِدُّ من عطْرِ ريح هذا النافح، كاستمدادِ السَّبْسَبِ من سَيْب السَّحاب السافح، وقد كنتُ هَمَمْتُ عند ادّعائك، على كَشْفِ وعائك، وكَسْر يراعِكَ، لو لم أراعكَ، فانظرْ إلى مصيرِكَ، واسْترْ معاصمَ تقصيرك، فالأريبُ من اشتغل بغَوايته، وحَجَبَ وجه غادة غباوته، وعَلِمَ أنَّ لُبْسَ صَموتِ الصُّموتِ أسلمُ، ومَنْ تسنّمَ مَراقي هذه السلَّم قلَّما يَسْلَمُ، وأنت بقرونتِك أعلم، وإيَّاكَ وادِّعاءَ ما لا تعْلَمُ، قال القاسمُ بنُ جريالٍ: فرمقَهُ بعدَ سائرهم، وقَدْ سَبَرَ نُطْقَ خَضلهم وبائرهم، وقالَ لَهُ: تاللهِ لقد سألتَ السَّلاسلَ النِّصاحَ، والبحر الزاخرَ الضَّحْضاح، والصارمَ الجراح، والضبارمَ الاجتراح، ثُمَّ إنًّهُ مالَ إلى اليَراع، لقَطعْ النِّزاع، وصال على الرِّقاع، لنثْر الرِّقاع، فحينَ أحكم ما اجترحَ، وتحكَّم فيما اقترح، حملقَ نحوَهُم حَمْلقةَ الضِّرغام، المعفِّر أنفَ الفريسةِ بالرَّغام، وقالَ: دونَكُم وما تَظَنّيتموهُ فضولا، فإنّه أفصحُ فُصولا، وأكملُ حُصُولا، وهذه الرقعةُ.

الأولى

<<  <   >  >>