للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجْتذبْنا رأس العُلى واحتنكنا ... ثَم صِرْنا إلى البلَى واحتنكنا

قالَ القاسمُ بنُ جريالٍ: فحينَ حبَّرَ محكماتِ فيهُ، وحيَّرُ بحِبَرِ بَحْرِ حذاقةٍ مُدِحَ فيهِ، وأرضى اللهَ والمَلَكَ، واطَّرحَ الزادَ والملَكَ واقتنصَ القلوبَ وملكَ، وأحكمَ عَجْنَ مُعجزاتهِ ومَلَكَ، أطاعوا مواعظَهُ إطاعة ثواب، وانصاعوا لَهُ بأوفرِ ثوابِ، فصرفَ صِلتَهم صَرْفَ شاكر، وانصرفَ إلى شَعْبِ بني شاكر، ولما سحَّ الرجلُ وارتجلَ، ورجعَ الرجلُ بالجلائلِ وارتجلَ، جعلتُ أعلِّلُ وقلبي بليت وعلَّ، لأعلم أَنَّى نَهِلَ أبْحُرَ الحِيَلِ وعَلَّ، فألفيتُها صنوفَ أبي نَصْر الصلِّ، صاحب صِلّ الفصاحة الصِّلّ، فقلتُ لَهُ: إلامَ تدوسُ متونَ المَشيبِ والحرِّ، وتقوَّمُ صَعَرَ عنق المعاندِ والحُرِّ، وتُصْلِحُ بوعظِكَ العَرَبَ، وتمنحُ منكَ العَرَب العَربَ، فقال لي: يا جريالٍ: إنْ كانَ أعجبكَ سيبي وشوبي وحَجَبَكَ قبحُ شيبي وشوْبي، وأطربَكَ طيب صبّي وصوبي، وإلاَّ فدَعْني وعليَّ خَطَئي وصَوْبي، ثم إنَّهُ حاولَ المَفَرَّ وفرًّ، وافترَّ إذ فغر فَمَ براعتهِ وفَرَّ، وجرَّ عني ما أخشوشَن ومَرَّ، وخَلفني حِلفَ حومة الفكَرِ ومرَّ.

المقامةُ الثامنةُ والأربعونَ الجماليةُ الجوينيّةُ

روَى القاسمُ بنُ جريالِ، قالَ: آليتُ مذ صَفرَ صابي، وظَفِرَ نصابي، وصهَرَ اغتصابي، واشتهرَ في التصابي انتصابي، أنْ احتلسَ بساطَ المكاسرةِ، واختلسَ انبساطَ المكاشرةِ، وأميلَ إلى المجالس وأستميلَ، رضى المُجالس، وأمارسَ الأقتارَ، وأجالسَ الأوتارَ، فلم أَزَل أستلِبُ سرابيلَ الإسفارِ وأنقلبُ بزمام سفار السَفار، إلى أنْ فارقتُ الأَيْنَ، ورافقتُ الهَيْنَ، وقمرتُ البَيْن، ورمقتُ بمُقْلة المِقَةِ جوين، فولجتُها بجوادِ جِدةٍ لا يعتورُه عِثَارٌ، ونِجادِ تجملّ لا يهتصرُه إعسار، حائلاً في سناسِن السعادةِ، جائلاً في دنادن السيادةِ، فأقبلتُ أكافحُ رِماحَ المراح، وأناوحُ رياح الرياح، يمنحني وصالُ الملاح، ويصافحني راح كُفوفِ الفَلاح، أجيرُ مِنْ جَلَلِ الجُناح، وأطيرُ بجَناح النّجاح، وأصبو معْ إجالةِ القداح، وإدارةِ الأقداح، إلى عضِّ غَضّ الكاعبِ الرَّداح، فما فتئتُ بعدما نضحَ نَضَحُ المرح فسرى، ووضحَ وضَحُ الوضَح وانسرَى: الطويل:

أغازلُ غزلانا وألثمُ لؤلؤاً ... وأقبضُ رُمَّاناً وأرشُفُ سُكرّا

وأصحَبُ أغصاناً وألحظُ ربرباً ... وأغمِزُ عُنَّاباً وأنشقُ عَنْبَرا

وأركب كثباناً وأقرصُ عنْدَماً ... وأنظرُ بستاناً وأمسَحُ عَبْهَرا

قال: فحينَ حللتُ بالعِيم، ونزلتُ بالسادةِ البراعيم، كنتُ كَمَنْ حلَّ في النعيم، وحلَّ بعدَ إحرامه من التنعيم: الطويل:

وكنتُ كَمَنْ أمسَى يَسوفُ بأنفهِ ... سحيق إناب في شُعورِ العواتق

وكنتُ كَمَنْ أضحَى يصافحُ طَرْفُهُ ... وبيصُ صُوارٍ في صوارٍ معانق

ولما انسلكتُ في نِصاح مصاحبتهم، وسلكتُ سبيلَ مراح مناوحتِهم، أقبلتُ أشكرُ طولَ مروطِ طَوْلهم وأطولُ، وأذكرُ ذكورَ ذكيِّ إفصاحهم وأقول: الخفيف:

أبِّدوا أيِّدوا بزفِّ يرِفّ ... واستروا واشتروا بشَفٍّ يَشِف

فجرُهُمْ فخرُهم وحالوا وجالوا ... عيدُهُم عندَهُم بصفٍّ يُصَفُّ

حَدَّهُم جَدّهُم وعَالوا وغَالوا ... وافتدوا واقتدوا بعفٍّ يعِفّ

جبرهم حَبرُهُم جلالُ خِلال ... صدهم ضِدهم بذف يدِف

حزمُهُم جَزْمهم نِزاع يراع ... عابثٍ عائثٍ بكفٍّ تُكَف

<<  <   >  >>