للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الراوي: فخلنا قد انفجرت ينابيع السماء، أو انبجست لنا أراييج نسيم السماء، وقلنا له: قعدك الله خالق العصماء، وفالق الصخرة الصماء، إلا ولجت لعل هذا الدواء، وفل جيوش هذه الأدواء، فولج لجابة الهداء، ودلج لإجابة الاستهداء، ثم سلم سلام أولى الاختلاء، وتسنم أسنمة الاعتلاء حذراً من الرقباء، كالقد في القباء، فقعد قعدة الأدباء، وبيده إناء من الدباء، أرق من الهباء، مملو من المزة الصهباء، فألفيته حين راجع حلائل الاستخذاء، وجثم بحذاء الحذاء - شيخنا المصري ذا الاجتناء، المحبو بحناء الانحباء، فدعوت له بالبقاء، وعجبت من عذوبة لقاء ذلك اللقاء، وأخذت أثني عليه ثناء الظمآن على الماء، والصمان على انسجام السماء، وأخذ هو لتصديق، وريق الثناء، وتحقيق تزويق ذياك البناء، ينثر لؤلؤ جرجته البجراء، وينشر رحمة حسن إجادته العجراء، ويمعن في توطيد دعام دعوته والوطاء، بعد امتطاء مطا المطيطاء، وأقبل، الشرب على الاستشفاء، بذيالك الشفاء، بعد أن بوؤه أشرف الخباء وشكروه على حلاوة رفده والحباء، وما فتيء يطفح من سيب جده والجداء، بما يغني عن الجداية الجيداء، ويمنح من جيب جوده والرداء، بما يلهي عن الغادة الغيداء، فلما تكوكبت جرباء أمل ذلك الإرجاء، واعشوشبت لديه إرجاء سباسب الرجاء، ودارت عليه مفاكهة السجراء، واستدارت عليه فواكه الخميلة الشجراء، تقلقل للاغتداء، وأعرض عن معاطاة الاجتداء، فاستمسكت ببزته الحمراء، ولثمت حجر شفوف شفته السمراء، وقلت له: أقسم عليك بباسط الثراء، وفاطر البرى والبراء، إلا زدتنا من قريض هذا النماء، قبل توديع السادة العلماء، لتجول بين هذه الضوضاء، لآلئ عقود منتك البيضاء، فأجاب سائل الاستدعاء، وبادر إلى حل وكاء فضله والوعاء، وقال: الكامل:

روح ترى الأحداق تحدق حولها ... شبه القلاص لدى فنيق رغاء

روح متى انسكبت بندوة آدب ... أهدت هدايا الفهم للبلغاء

باتت تغازلني وبت مغازلاً ... لجمال بهجتها مع الخلصاء

خلعت علي محاسناً من نورها ... فلذا رفضت محاسن البوصاء

بكر بها اهتدت السقاة لكونها ... في الشرب شبه أشعة الأنواء

فهي التي كانت لموسى جذوة ... في طور مطلبه إلى الأضواء

وهي التي كانت لعيسى مهيعاً ... يشتار نشوتها مع الحبساء

تجلى على سرر السرور لأنها ... في الكأس عرس مجالس الجلساء

قال القاسم بن جريال: ثم إنه هم بالانجلاء، بعد جلوة عروسه النجلاء، فعرقنا بمدى مدى البكاء، وغرقنا بذرور ذكاء ذلك الذكاء.

المقامة السادسة الحجازية

<<  <   >  >>