للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا دنوت لها وجدت أديمها ... يحكي الصقيل صقالة وصفاء

وإذا قطنت فلا تروم تعظماً ... حين الطول لخدرها وصفاء

وإذا ظعنت فلا تكلف طاقتي ... عند الرحيل مطية وجناء

لم تطعم الماء الزلال ولم تذق ... طعم الطعام ولا ترى السيراء

صاحبتها شرخ الشباب ولم أنل ... منها المراد تعففاً وحياء

حتى إذا انبجست شموس ذوائبي ... وغزا الصباح بمفرقي الإمساء

أنكحتها رشأ رشيقاً شادنا ... يحكى الغزالة في السماء سناء

حلو المحيا لا يزال مجاوراً ... لجمالها لا يعرف الإغفاء

جوناً بلا جوف أصم مواصلاً ... جفناً جسا أو مقلة رمداء

فجعته فيها النائبات فأصبحت ... عيناه تذرف للبعاد دماء

فافحص له عن عرسه يا ذا الذي ... ساد السماء وطرز الأسماء

قال الراوي: فلما رشف كؤوس عجوزه، وعرف بدائع رموزه، أفكر في تحصيل ذلك الناعم، وأمر بإخراج العماعم، ثم قال للشيخ: ما أخاله يسرف ما يساوي الفتيل، وأنى تصادم البقة يوم الكريهة الفيل: فقال له: أقسم بمن جدد الجميل، وجذذ الحميل ما برأته وأحطت حوله التأميل، إلا ليسرق من تحت أثوابك الميل، فأطرف الوالي بذلك من لديه، وقهقه إلى أن غشي عليه، ثم قال: إني لأسمح لك بدينار، كضوء ذي نار، ولا تبغ باليمين منونه، فلشان، ما أرهف الفارس نونه، فقال له: عجله بالوزن الوافر، واعلم بأن النقد عند الحافر، فدفعه إليه وهرف، وأثنى على علمه واعترف، فدحرجه في كفه وانحرف، وأولجه في فمه وانصرف، ثم قلص قميصه لسحه، وتخلص تخلص الحبارى بسلحه، فتظنيت أنه امتطى متون الهوج، أو اعتلق بأسباب البروج، بعد الخروج من العوج، والولوج بين تلك العلوج.

[المقامة الثالثة عشرة النيسابورية]

حكى القاسم بن جريال، قال: عدلت عن معاطاة المغالق، ومداناة خبت المخاتلة، والحالق حين فليت قمم السمالق، وقليت امتطاء النمارق، إلى أن بت أجتزئ بمسامرة الرئال واجترئ على أسود المساورة والرئال، وأجوب فجاج الرمال، غير محتفل بعساكر الإرمال، عل أن أعل راح الاجتراح من أنامل الانتزاح، وأفل صوارم الأتراح قبل مصافحة الصفاح، فبينما أنا أنتهب المناهدة نهبا، وأجعلها شعار همتي دأبا، إذ وجدت الحظ المحبور، والسير المسبور، قد اقتادني إلى مدينة نيسابور، فوردتها بعد مفارقة اللبد، ومزايلة اللبد وقد أغلق باب البلد، فتوخيت المبيت بين الأشجار، بعد حط الشجار، ثم إني نضيت لباس الإيجاس، ومضيت إلى المهراس، مضي الهرماس، فتكرعت للركوع بعد كسر سلامي الجزع والكوع، ثم ملت إلى المطية فأمجدتها وانسللت إلى العيبة فشددتها، وحين أحجمت جحافل حام، وحالف الحذر ذلك الالتحام، جعلت أجول بين الشجير، خالياً من المخاتل والشجير، فلم يمض وهن من الظلام، أو تبسم ثغر القمر تحت اللثام فتجردت حلائل الروح وغردت ورق الحمائم على الدوح، وبينا أنا أحاذر الهجوم، وأجاور الهجوم، سمعت على عين جارية، منافئة أعذب من نغمات جارية، فربطت، جرجة العين، وتأبطت عضبي نحو العين وقعدت من حيث لا أرى، وقلت غب الصباح يحمد القوم السري ثم ما برحت التقط لؤلؤ الكلام، بأظفور الإلمام، وأجرد قواضب الاهتمام، لذلك الانضمام، حتى رأيت حالبي ذياك الثمين، وجالبي ذيالك الكمين، شيخنا المصري، وولده اللوذعي، وهما محتفان بالشمول والشمائل، ملتحفان بالخمول والخمائل، فقلت: تالله لا أفاجئ جريالهما وأضيق في حلبة المباحثة مجالهما، أو أنظر إلى ما يؤول آخر النبيذ، مع ولده الخنذيذ، فما برحا يحولان في كاهل المنادمة، ويجولان في جلائل المناسمة، إلى أن حان حل النظام، وخان خل الجفون ظام الانتظام، فقال له: يا أبت لقد سئمت السفار، واجتويت السفار، وكرهت القفار، ونهكت مني القفار الفقار، فهل ترى حزامة حوبائك، وترى على آرائك آرائك، بأن أصير بأجوية الملوك، بعد اقتناء السابح والمملوك، متوشحاً بوشاح الوشاء، مترشحاً إلى

<<  <   >  >>