للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَلَّ الذي هزَّ القوامَ وأرهفَ ... الطرفَ الكحيلَ إذا الحواجب قوسا

فاقَ الصِّباحَ لما الصَّباحُ بنُورهِ ... فاق المساءَ أخا المساءةِ إذ عسا

فجعلتُ أسكبُ وَسْميَّ المدامع، وأرسبُ في سَيْل سَحابِ الجَفنِ الدامع، وقلت لَهُ: أتحفتني بجَلْوةِ عروسِكَ رَسيسا، وسلبْتَ مني بالنَّفيس نَسيسا فأقرِن بَقرنِ ما قدّمتَهُ تخميسا، وإنْ عادَ وًجْدي بالخَميس خميسا فقالَ: الكامل.

يا مَنْ تجزَعَ بالكآبةِ أكؤوسَا

سَلِّ الفؤادَ مع التّباعُدٍ بالأسى

يا مَنْ تحمَّل في الصبابة أبؤسا

ما بالُ قلبِكَ في الغَوايةِ غلسا ... يا مَنْ تعلّلَ بالوصالِ وأبلسا

فَوِّضْ أمورّكَ للقضاءَ وسلِّما

وانصِبْ إلى رُتَب المعالي سُلّما

وَدَع الرجاءَ فما يفيدُكَ مَغْنَما

رفه فؤادك ما استطعتَ فإنَما ... قَلبُ الذي يَحْكي الغزالةَ قدْ قسا

متًع جفونكَ إن قَدَرْتَ على الكَرى

يا غاغلا سلبَ الفؤادَ وما دَرَى

لا تعتبن على الزمانِ وما جرى

واصبر ونفس مِن هُمومِكَ ما نرى ... فعسى يرِقُّ فؤاده القاسي عَسَى

يا باكيَاً تسقي المآقي خَدَّهُ

رِفقاً بقلبك كي يفيقَ وصُدهُ

يا هائمَاً يشكو الحَبيبَ وصَدَّهُ

لا تطمعن فليسَ يبلغُ قَصدَهُ ... رجلٌ يبيتُ مِنَ الدراهم مُفلسا

قالَ:. فَلَمْ تَزَل جيوشُ الوَجَلِ تجولُ، وليوثُ لَوثهِ الراحةِ تحولُ، حتّى كدت أكسِرُ بحَرِّ ماءَ الصُّراخ، سورةَ بحْرِ جَمِّ التَجلّد النُّقاخ، وما رأى أنْ قَدْ نشب شص الشجن واعتاصَ، وتحقق أنَّ الإخلاصَ مِنْ حِبالةِ الحَزَن ولا مناص، سترَ سره والعَلَنَ، وَعادل الظَّعَنَ وظَعَنَ، بَعْدَ أنْ تمنى لي الوَسَنَ، وأَجررتُهُ الرَّسن، وشكرتُ إحسانَهُ الحسنَ البَسن.

المقامةُ الخامسةُ والثلاثونَ السَّروجيّة

<<  <   >  >>