للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سام سما السِّرحانَ أيطلُ بَطنهِ ... وحكَى السحابَ مع المَدى إقداما

حتًّى إذا انبسطوا وجالَ حديثُهم ... في صهوةِ المَزْح المُباح وحاما

قنصَتهُ كفّ الحادثاتِ بكفّتي ... لّما تسامىَ في السِّباقِ وعاما

فأمنحهُم منّى السَّلام وقُلْ لَهُمْ ... مِلْتُم فَنِلْتُم بالكلام كِلاما

فاستنجدوا بأبي زُيَيدٍ إنّهُ ... مِمَّن يراني للحِمام حِماما

قال: فلّما بهَرنا بتسجيلهِ، وأمطرنا حجارةَ سجّيلهِ، حَمَلني رَب الفَرَس إلى الوالي، في قاربِ مَدِّ دمعه المتوالي، وكنتُ لا أملِكُ مِنَ النُّضار، سوى خُمْسَي ألفٍ مع الإنظارِ، فأحلتهُ بها على الغَريم، وانسلخَتُ منها انسلاخَ صَريم الصّريم، بعد أن أعريتُ البنين، ورهنْتُ الظاهر والجنينَ، وادّرعتُ العِلَلُ والأنينَ، وضارعتُ يوسف في السجنِ، بضعَ سنينَ.

المقامةُ السادسةُ والثلاثون السَّمنانيَّة الطبيّةُ

روى القاسمُ بنُ جريال، قالَ: ألبَّ بي إبّانَ بُدُوِّ الهياج، وسَعَةِ سَلامةِ المِنهاج، واحتمال الزِّجاج، وشَمِّ أفواهِ الزَّجاج، خيولُ وَخَم لا يخيمُ، يشيب لشربِ شَرابه الرَّشأ الرَّخيمُ، مشفوعاً بجيوش دَنف فادح، وزِناد كَمَدٍ في كَبد المكابدةِ قادح، فلمّا أرسيتُ للسَّقَم الوَبيلِ، ونسيتُ فَوح نسيم السلسبَيلِ، وجمعتُ في بُوس الجَسَدِ المريض، بين ضُرِّ المَرَض ومرارةِ التمريض جعلتُ أنظرُ في شِدَّةِ السدرِ، وأفكرُ في كَرِّ كتائب الكَدر، وأمخض وطَابَ الفِكَر، لإماطةِ سُكْر ذلك السكَرِ، عَسى أن تظفرَ يمينُ ميمنتي، بمن يُعيدُ عِيدَ مُنّتي، أو يُبيِّضُ صحائفَ تَعِلتي، حالَ حلول عرام عِلَّتي، بعد أنْ أقمتُ قريحتي مَقامَ سمسارِها، وأربابَ الجِدَةِ مكانَ تِجّارها، وطفِقتُ أطوفُ بطَرفَي المكلوم، وأعرضُ عليهم أمتعةَ العلوم، فألفيتُ إقبالَهُم كالخُشُبِ المسندةِ، وإدبارهم كالصوارم المهندة، يفضِّلون على الفِصاح الفَصيحَ، ولا يؤثرونَ على الصِّحاح، الصَّحيح فحينَ شارفتُ مشاهدةَ الحَنوط، وجدعت رجائي بحدِّ قاضبِ القُنوطِ أخذت في إصلاح ما بي، وقَطْع نِصاح طولِ اضطرابي، فإنصرم كالظلام من صباحه، والسليط من مصباحه، فحمدتُ اللهَ تعالى على ما غاضَ لديَّ، وأفاضَ من حياض التلطفِ عليَّ، ثم إنِّي شرعتُ بعدَ معاودةِ القسام، ومفارقة فِرَق فَرَف قَسام السَّقام، في تثريب قرونتي، على ما فرّطتُ أيام مُنة مؤونتي، وعظَم ماعونِ معونتي، في جَنبِ حِفْظِ صحةِ الإنسان، وحيلةِ البُرءَ وتقويم الأَبدانِ، لعلمي أنَّ علمَها شريفٌ، والاكتسابَ بها وريفٌ وريف، ولظنِّي أنَّ مَنْ فسدتْ مَعِدَتُه، لا تنفعُه عُمدتُه، ومن استحكمت ذبحتُهُ، لا تصلِحهَ مُلْحَتُهُ، ومن تنصرت جراحُهُ لا يبرئها إيضاحهُ، ومن

<<  <   >  >>