للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذا كَانَ الْأَمر عَلَى مَا قُلْنَا، وَقد علمنَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يدعهم فِي هَذِه الْأُمُور إِلَى الِاسْتِدْلَال بالأعراض والجواهر، وَذكر ماهيتها. وَلَا يُمكن لأحد من النَّاس أَن يروي فِي ذَلِكَ عَنهُ، وَلَا عَن أحد من الصَّحَابَة - رضى الله عَنْهُم - من هَذَا النمط حرفا وَاحِدًا فَمَا فَوْقه. لَا فِي طَرِيق تَوَاتر، وَلَا أحاد. فَعلمنَا أَنهم ذَهَبُوا خلاف مَذْهَب هَؤُلاءِ، وسلكوا غير طريقهم، وَأَن هَذَا طَرِيق مُحدث مخترع لم يكن عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا أَصْحَابه. وسلوكه يعود عَلَيْهِم بالطعن، والقدح، ونسبتهم إِلَى قلَّة الْعلم فِي الدّين واشتباه الطَّرِيق عَلَيْهِم. فإياك - رَحِمك الله - أَن تشتغل بكلامهم، وَلَا تغتر بِكَثْرَة مقالاتهم فَإِنَّهَا سريعة التهافت كَثِيرَة التَّنَاقُض، وَمَا من كَلَام تسمعه لفرقة مِنْهُم إِلَّا ولخصومهم عَلَيْهِ كَلَام يوازيه أَو يُقَارِبه.

فَكل بِكُل معَارض، وَبَعض بِبَعْض مُقَابل، وَإِنَّمَا يكون تقدم الْوَاحِد مِنْهُم وفلجه عَلَى خَصمه بِقدر حَظه من الْبَيَان، وحذقة فِي صناعَة الجدل عَلَى أصُول لَهُم، ومناقضات عَلَى أَقْوَال حفظوها عَلَيْهِم، فهم يطالبونهم بقودها فَمن تقاعد مِنْهُم عَن ذَلِكَ سموهُ من طَرِيق الجدل مُنْقَطِعًا، وحكموا بالفلج لخصمه. والجدل لَا يتَبَيَّن بِهِ حق وَلَا يقوم بِهِ حجَّة، وَلَو أنصفوا فِي المحاجة لزم الْوَاحِد

<<  <  ج: ص:  >  >>