للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول الْمُسلمين فِي التَّشَهُّد: أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَهَذَا القَوْل بمجموعه ركن من أَرْكَان الدّين، فَلَا يجوز أَلا أَن يكون كُله حَقِيقَة لَا مجَاز فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن نقُول ونعتقد: وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا كَانَ رَسُول الله يَوْمًا من الْأَيَّام ودهرا من الدَّهْر، وَهُوَ لَيْسَ برَسُول الله حَقِيقَة، وَإِذا لم يجز أَن يكون شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مجَازًا بِوَجْه، فَكَذَلِك شَهَادَة أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَة فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة يجب أَن تكون حَقِيقَة فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا أَن أَدَاء الرسَالَة يكون مرّة بالْكلَام وَالْخطاب، وَمرَّة بالإخبار وَالْكتاب، يوصله الرَّسُول إِلَى من أرسل إِلَيْهِ من غير أَن يتَكَلَّم بهَا أَو يُخَاطب الْمُرْسل إِلَيْهِ بالرسالة، كَمَا يَفْعَله الْبَرِيد والفيج، وَمِثَال ذَلِكَ من أرسل رَسُولا بِكِتَاب إِلَى قوم، وَأمره أَن يُخَاطب من لَقِي مِنْهُم بِمَا فِي الْكتاب من الرسَالَة، وَيُمكن من لم يلق مِنْهُم من الْكتاب، وَالْوُقُوف عَلَى الرسَالَة الَّتِي فِيهِ فَهَذَا الرَّسُول فِي هَاتين الْحَالَتَيْنِ رَسُول حَقِيقَة، مؤد للرسالة بِعَينهَا حَقِيقَة وَلَا يجوز أَن يُقَال إِنَّه رَسُول إِلَيْهِم وَقت أَدَاء تِلْكَ الرسَالَة خطابا، وَلَيْسَ برَسُول إِلَيْهِم وَقت تمكينهم من الْوُقُوف عَلَيْهَا، لِأَن مَحل كِتَابه فِي تَبْلِيغ الرسَالَة مَحل خطابه، فَصَارَ الْمَوْت والحياة سَوَاء فِي تَبْلِيغ الرسَالَة حَقِيقَة. فَدلَّ هَذَا على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَسُول الله حَقِيقَة فِي حَيَاته ويعد وَفَاته إِلَى أَن تقوم السَّاعَة، وَيقْرَأ كتاب رسَالَته.

<<  <  ج: ص:  >  >>