للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ جَاءَت إِلَيْهِ فَقَالَت قد حَان رحلينا فطلقني فَكَانَت تَأتيه بِاللَّيْلِ فِي هَيْئَة امْرَأَة قَالَ فَبينا هُوَ فِي بعض طرق الْمَدِينَة إِذْ رَآهَا تلْتَقط حبا مِمَّا يسْقط من أَصْحَاب الْحبّ قَالَ أفتبتغينه فَوضعت يَدهَا على رَأسهَا ثمَّ رفعت عينهَا إِلَيْهِ فَقَالَت لَهُ باي عين رَأَيْتنِي قَالَ بِهَذِهِ فأومأت بأصبعها فسالت عينه وَحدثنَا القَاضِي جلال الدّين أَحْمد بن القَاضِي حسام الدّين الرَّازِيّ الْحَنَفِيّ تغمده الله برحمته قَالَ سفر وَالِدي لإحضار أَهله من الشرق فَلَا جزت البيرة ألجأنا الْمَطَر إِلَى أَن نمنا فِي مغارة وَكنت فِي جمَاعَة فَبينا أَنا نَائِم إِذا أَنا بِشَيْء يوقظني فانتبهت فَإِذا بِامْرَأَة وسط فِي النِّسَاء لَهَا عين وَاحِدَة مشقوقة بالطول فارتعبت فَقَالَت مَا عَلَيْك من بَأْس إِنَّمَا أَتَيْتُك لتتزوج ابْنة لي كَالْقَمَرِ فَقلت لخوفي مِنْهَا على خيرة الله تَعَالَى ثمَّ نظرت فَإِذا بِرِجَال قد أَقبلُوا فنظرتهم فَإِذا هم كَهَيئَةِ الْمَرْأَة الَّتِي أَتَتْنِي عيونهم كلهَا مشقوقة بالطول فِي هَيْئَة قَاض وشهود فَخَطب القَاضِي وَعقد فَقبلت ثمَّ نهضوا وعادت الْمَرْأَة وَمَعَهَا جَارِيَة حسناء إِلَّا أَن عينهَا مثل عين أمهَا وتركتها عِنْدِي وانصرفت فَزَاد خوفي واستيحاشي وَبقيت أرمى من كَانَ عِنْدِي بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يستيقظوا فَمَا انتبه مِنْهُم أحد فاقبلت على الدُّعَاء والتضرع ثمَّ آن الرحيل فرحلنا وَتلك الشَّابَّة لَا تُفَارِقنِي فدمت على هَذَا ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الرَّابِع أَتَتْنِي الْمَرْأَة وَقَالَت كَأَن هَذِه الشَّابَّة مَا أعجبتك وكأنك تحب فراقها فَقلت أَي وَالله قَالَت فَطلقهَا فطلقتها فَانْصَرَفت ثمَّ لم أرهما بعد

وَهَذِه الْحِكَايَة كَانَت تذكر عَن القَاضِي جلال الدّين فحكيتها للْقَاضِي الإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن فضل الله الْعمريّ تغمده الله برحمته فَقَالَ أَنْت سَمعتهَا من القَاضِي جلال الدّين فَقلت لَا فَقَالَ أُرِيد أَن أسمعها مِنْهُ فمضينا إِلَيْهِ وَكنت أَنا السَّائِل لَهُ عَنْهَا فحكاها كَمَا ذكرتها إِلَى آخرهَا فَسَأَلت القَاضِي شهَاب الدّين هَل أفْضى إِلَيْهَا فَزعم أَن لَا وَقد ألحق القَاضِي شهَاب الدّين هَذِه الْحِكَايَة فِي تَرْجَمَة القَاضِي جلال الدّين فِي كتاب مسالك الْأَبْصَار بِخَطِّهِ على حَاشِيَة الْكتاب

<<  <   >  >>