للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وهى أَن ارواح الْمَوْتَى هَل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لَا

وَهِي أَيْضا مَسْأَلَة شريفة كَبِيرَة الْقدر وجوابها أَن الْأَرْوَاح قِسْمَانِ أَرْوَاح معذبة وأرواح منعمة فالمعذبة فِي شغل بِمَا هى فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي والأرواح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا فَتكون كل روح مَعَ رفيقها الَّذِي هُوَ على مثل عَملهَا وروح نَبينَا مُحَمَّد فِي الرفيق الْأَعْلَى قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَهَذِه الْمَعِيَّة ثَابِتَة فِي الدُّنْيَا وَفِي الدَّار البرزخ وَفِي دَار الْجَزَاء والمرء مَعَ من أحب فِي هَذِه الدّور الثَّلَاثَة

وروى جرير عَن مَنْصُور عَن أبي الضحي عَن مَسْرُوق قَالَ قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُفَارِقك فِي الدُّنْيَا فَإِذا مت رفعت فَوْقنَا فَلم نرك فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا}

وَقَالَ الشّعبِيّ جَاءَ رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يبكي إِلَى النَّبِي فَقَالَ مَا يبكيك يَا فلَان فَقَالَ يَا نَبِي الله وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لأَنْت أحب إِلَى من أهلى ومالى وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لأَنْت أحب إِلَى من نفسى وَأَنا أذكرك أَنا وأهلى فيأخذني كَذَا حَتَّى أَرَاك فَذكرت موتك وموتى فَعرفت أَنِّي ان أجامعك إِلَّا فِي الدُّنْيَا وَإنَّك ترفع بَين النَّبِيين وَعرفت اني إِن دخلت الْجنَّة كنت فِي منزل أدني من مَنْزِلك فَلم يرد النَّبِي شَيْئا فَأنْزل الله تَعَالَى وَمن يطع الله وَرَسُول فألئك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين والصديقيين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ إِلَى قَوْله {وَكفى بِاللَّه عليما} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} اى أدخلى جُمْلَتهمْ وكونى مَعَهم وَهَذَا يُقَال للروح عِنْد الْمَوْت

وَفِي قصَّة الاسراء من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ لما اسرى النَّبِي لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فتذكروا السَّاعَة فبدأوا بإبراهيم فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَلم يكن عِنْده مِنْهَا علم ثمَّ بمُوسَى فَلم يكن عِنْده مِنْهَا علم حَتَّى أَجمعُوا الحَدِيث الى عِيسَى فَقَالَ عِيسَى عهد الله الى فيمادون وجبتها فَذكر خُرُوج الدَّجَّال قَالَ فأهبط

<<  <   >  >>