للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقد شرع النَّبِي الصَّوْم عَن الْمَيِّت مَعَ أَن الصَّوْم لَا تدخله النِّيَابَة وَشرع للْأمة أَن يَنُوب بَعضهم عَن بعض فِي أَدَاء فرض الْكِفَايَة فَإِذا فعله وَاحِد نَاب عَن البَاقِينَ فِي فعله وَسقط عَنْهُم المأثم وَشرع لقيم الطِّفْل الَّذِي لَا يعقل أَن يَنُوب عَنهُ فِي الْإِحْرَام وأفعال الْمَنَاسِك وَحكم لَهُ بِالْأَجْرِ بِفعل نَائِبه

وَقد قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله يحرم الرّفْقَة عَن الْمغمى عَلَيْهِ فَجعلُوا إِحْرَام رفقته بِمَنْزِلَة إِحْرَامه وَجعل الشَّارِع إِسْلَام الْأَبَوَيْنِ بِمَنْزِلَة إِسْلَام أطفالهما وَكَذَلِكَ إِسْلَام السابي وَالْمَالِك على القَوْل الْمَنْصُوص فقد رَأَيْت كَيفَ عدت هَذِه الشَّرِيعَة الْكَامِلَة أَفعَال الْبر من فاعلها إِلَى غَيرهم فَكيف يَلِيق بهَا أَن تحجر على العَبْد أَن ينفع وَالِديهِ ورحمه وإخوانه من الْمُسلمين فِي أعظم أَوْقَات حاجاتهم بِشَيْء من الْخَيْر عَلَيْهِ الشَّارِع فِي ثَوَاب عمله أَن يصرف مِنْهُ مَا شَاءَ إِلَى من شَاءَ من الْمُسلمين وَالَّذِي أوصل ثَوَاب الْحَج وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق هُوَ بِعَيْنِه الَّذِي يُوصل ثَوَاب الصّيام وَالصَّلَاة وَالْقِرَاءَة وَالِاعْتِكَاف وَهُوَ إِسْلَام المهدى وتبرع المهدى وإحسانه وَعدم حجر الشَّارِع عَلَيْهِ فِي الْإِحْسَان بل نَدبه إِلَى الْإِحْسَان بِكُل طَرِيق وَقد تواطأت رُؤْيا الْمُؤمنِينَ وتواترت أعظم تَوَاتر على أَخْبَار الْأَمْوَات لَهُم بوصول مَا يهدونه إِلَيْهِم من قِرَاءَة وَصَلَاة وَصدقَة وَحج وَغَيره وَلَو ذكرنَا مَا حكى لنا من أهل عصرنا وَمَا بلغنَا عَمَّن قبلنَا من ذَلِك لطال جدا وَقد قَالَ النَّبِي أرى رؤياكم قد تواطأت على أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فأعتبر تواطؤ رُؤْيا الْمُؤمنِينَ وَهَذَا كَمَا يعْتَبر تواطؤ روايتهم لما شاهدوه فهم لَا يكذبُون فِي روايتهم وَلَا فِي رؤياهم إِذا تواطأت

فصل وَأما رد حَدِيث رَسُول الله وَهُوَ قَوْله من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام

صَامَ عَنهُ وليه بِتِلْكَ الْوُجُوه الَّتِي ذكرتموها فَنحْن ننتصر لحَدِيث رَسُول الله ونبين مُوَافَقَته للصحيح من تِلْكَ الْوُجُوه وَأما الْبَاطِل فيكفينا بُطْلَانه من معارضته للْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح الَّذِي لَا تغمز قناته وَلَا سَبِيل إِلَى مُقَابلَته إِلَّا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة والإذعان وَالْقَبُول وَلَيْسَ لنا بعده الْخيرَة بل الْخيرَة وكل الْخيرَة فِي التَّسْلِيم لَهُ وَالْقَوْل بِهِ وَلَو خَالفه من بَين الْمشرق وَالْمغْرب

فَأَما قَوْلكُم نرده بقول مَالك فِي موطئِهِ لَا يَصُوم أحد عَن أحد فمنازعوكم يَقُولُونَ بل نرد قَول مَالك هَذَا بقول النَّبِي فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بِالصَّوَابِ وَأحسن ردا

<<  <   >  >>