للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّالِث جِبْرِيل كَقَوْلِه تَعَالَى {نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك} وَقَالَ تَعَالَى {من كَانَ عدوا لجبريل فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك} وَهُوَ روح الْقُدس قَالَ تَعَالَى {قل نزله روح الْقُدس}

الرَّابِع الرّوح الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا الْيَهُود فأجيبوا بِأَنَّهَا من أَمر الله وَقد قيل أَنَّهَا الرّوح الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ} وَأَنَّهَا الرّوح الْمَذْكُور فِي قَوْله {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم}

الْخَامِس الْمَسِيح ابْن مَرْيَم قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} وَأما أَرْوَاح بنى آدم فَلم تقع تَسْمِيَتهَا فِي الْقُرْآن إِلَّا بِالنَّفسِ قَالَ تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة} وَقَالَ تَعَالَى {إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَقَالَ تَعَالَى أخرجُوا أَنفسكُم وَقَالَ تَعَالَى {وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها} وَقَالَ تَعَالَى {كل نفس ذائقة الْمَوْت} وَأما فِي السّنة فَجَاءَت بِلَفْظ النَّفس وَالروح

وَالْمَقْصُود أَن كَونهَا من أَمر الله لَا يدل على قدمهَا وَأَنَّهَا غير مخلوقة

فصل وَأما استدلالهم بإضافتها إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بقوله تَعَالَى

{ونفخت فِيهِ من روحي} فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن الْمُضَاف إِلَى الله سُبْحَانَهُ نَوْعَانِ صِفَات لَا تقوم بأنفسها كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة وَالْكَلَام والسمع وَالْبَصَر فَهَذِهِ إِضَافَة صفة إِلَى الْمَوْصُوف بهَا فَعلمه وَكَلَامه وإرادته وَقدرته وحياته وصفات لَهُ غير مخلوقة وَكَذَلِكَ وَجهه وَيَده سُبْحَانَهُ

وَالثَّانِي إِضَافَة أَعْيَان مُنْفَصِلَة عَنهُ كالبيت والناقة وَالْعَبْد وَالرَّسُول وَالروح فَهَذِهِ إِضَافَة مَخْلُوق إِلَى خالقه ومصنوع إِلَى صانعه لَكِنَّهَا إِضَافَة تَقْتَضِي تَخْصِيصًا وتشريفا يتَمَيَّز بِهِ الْمُضَاف عَن غَيره كبيت الله وَإِن كَانَت الْبيُوت كلهَا ملكا لَهُ وَكَذَلِكَ نَاقَة الله والنوق كلهَا ملكه وخلقه لَكِن هَذِه إِضَافَة إِلَى إلهيته تَقْتَضِي محبته لَهَا وتكريمه وتشريفه بِخِلَاف الْإِضَافَة الْعَامَّة إِلَى ربوبيته حَيْثُ تَقْتَضِي خلقه وإيجاده فالإضافة الْعَامَّة تَقْتَضِي الإيجاد والخاصة تَقْتَضِي الِاخْتِيَار وَالله يخلق مَا يَشَاء ويختار مِمَّا خلقه كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار} وَإِضَافَة الرّوح إِلَيْهِ من هَذِه الْإِضَافَة الْخَاصَّة لَا من الْعَامَّة وَلَا من بَاب إِضَافَة الصِّفَات فَتَأمل هَذَا الْموضع فَإِنَّهُ يخلصك من صلالات كَثِيرَة وَقع فِيهَا من شَاءَ الله من النَّاس فَإِن قيل فَمَا تَقولُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {ونفخت فِيهِ من روحي} فأضاف النفخ إِلَى نَفسه وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُبَاشرَة مِنْهُ تَعَالَى كَمَا فِي قَوْله خلقت بيَدي وَلِهَذَا فرق بَينهمَا فِي الذّكر فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي قَوْله

<<  <   >  >>