للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ نَفسه وَبِمَا وَصفه بِهِ رَسُوله من غير تَحْرِيف وَلَا تَعْطِيل وَمن غير تَشْبِيه وَلَا تَمْثِيل إِثْبَات الصِّفَات وَنفى مشابهه الْمَخْلُوقَات فَمن شبه الله بخلقه فقد كفر وَمن جحد حقائق مَا وصف الله بِهِ نَفسه فقد كفر وَمن أثبت لَهُ حقائق الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَنفى عَنهُ مشابهة الْمَخْلُوقَات فقد هدى إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم

فصل وَالْفرق بَين تَجْرِيد التَّوْحِيد وَبَين هضم أَرْبَاب الْمَرَاتِب أَن تَجْرِيد

التَّوْحِيد أَن لَا يعْطى الْمَخْلُوق شَيْئا من حق الْخَالِق وخصائصه فَلَا يعبد وَلَا يصلى لَهُ وَلَا يسْجد وَلَا يحلف باسمه وَلَا ينذر لَهُ وَلَا يتوكل عَلَيْهِ وَلَا يؤله وَلَا يقسم بِهِ على الله وَلَا يعبد ليتقرب إِلَى الله زلفى وَلَا يُسَاوِي بِرَبّ الْعَالمين فِي قَول الْقَائِل مَا شَاءَ الله وشئت وَهَذَا مِنْك وَمن الله وَأَنا بِاللَّه وَبِك وَأَنا متوكل على الله وَعَلَيْك وَالله لي فِي السَّمَاء وَأَنت فِي الأَرْض وَهَذَا من صدقاتك وصدقات الله وَأَنا تائب إِلَى الله وَإِلَيْك وَأَنا فِي حسب الله وحسبك فَيسْجد للمخلوق كَمَا يسْجد الْمُشْركُونَ لشيوخهم يحلق رَأسه لَهُ وَيحلف باسمه وينذر لَهُ وَيسْجد لقبره بعد مَوته ويستغيث بِهِ فِي حَوَائِجه ومهماته ويرضيه بسخط الله وَلَا يسخطه فِي رضَا الله ويتقرب إِلَيْهِ أعظم مِمَّا يتَقرَّب إِلَى الله وَيُحِبهُ ويخافه ويرجوه أَكثر مِمَّا يحب الله ويخافه ويرجوه أَو يُسَاوِيه فَإِذا هضم الْمَخْلُوق خَصَائِص الربوبية وأنزله منزلَة العَبْد الْمَحْض الَّذِي لَا يملك لنَفسِهِ فضلا عَن غَيره ضرا وَلَا نفعا وَلَا موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشورا لم يكن هَذَا تنقصا لَهُ وَلَا حطا من مرتبته وَلَو رغم الْمُشْركُونَ وَقد صَحَّ عَن سيد ولد آدم صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ أَنه قَالَ لَو تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى ابْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله وَقَالَ أَيهَا النَّاس مَا أحب أَن ترفعوني فَوق منزلتي وَقَالَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عيدا وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قَبْرِي وثنا يعبد وَقَالَ لَا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وَشاء وَقَالَ لَهُ رجل مَا شَاءَ الله وشئت فَقَالَ أجعلتني لله ندا وَقَالَ لَهُ رجل قد أذْنب اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوب إِلَيْك وَلَا أَتُوب إِلَى مُحَمَّد فَقَالَ عرف الْحق لأَهله وَقد قَالَ الله لَهُ لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء وَقَالَ قل إِن الْأَمر كُله لله وَقَالَ قل لَا أملك لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا إِلَّا مَا شَاءَ الله وَقَالَ قل إِنِّي لَا املك لنَفْسي ضرا وَلَا رشدا قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد وَلنْ أجد من دونه ملتحدا أَي لن أجد من دونه من ألتجىء إِلَيْهِ وَاعْتمد عَلَيْهِ وَقَالَ لَا بنته فَاطِمَة وَعَمه الْعَبَّاس وَعَمَّته صَفِيَّة لَا أملك لكم من الله شَيْئا وَفِي لفظ فِي الصَّحِيح لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا فَعظم ذَلِك على الْمُشْركين بشيوخهم وآلهتهم وأبوا ذَلِك كُله وَادعوا لشيوخهم ومعبوديهم خلاف هَذَا كُله وَزَعَمُوا أَن من سلبهم ذَلِك فقد هضمهم مَرَاتِبهمْ وتنقصهم وَقد هضموا جَانب الإلهية

<<  <   >  >>